برامج اصدقاء العاب ابحاث مشكلات دردشه كل ما هو جديدفى عالم الموضه الازياء الجمال

الاثنين، 27 يوليو 2009

العنف الاسري

الفصل الأول
الخطة الدراسية
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
إن العنف الأسري هو أشهر أنواع العنف البشري انتشاراً في زمننا هذا، ورغم أننا لم نحصل بعد على دراسة دقيقة تبين لنا نسبة هذا العنف الأسري في مجتمعنا إلا أن آثاراً له بدأت تظهر بشكل ملموس على السطح مما ينبأ أن نسبته في ارتفاع وتحتاج من كافة أطراف المجتمع التحرك بصفة سريعة وجدية لوقف هذا النمو وإصلاح ما يمكن إصلاحه.
قبل الخوض أكثر في مجال العنف الأسري علينا أولاً أن نعرّف الأسرة ونبين بعض الأمور المهمة في الحياة الأسرية والعلاقات الأسرية والتي ما أن تتحقق أو بعضها حتى نكون قد وضعنا حجراً أساسياً في بناء سد قوي أمام ظاهرة العنف الأسري.في واقعنا الأسري القائم في مجتمعاتنا وأعرافنا التقليدية تتحكم بعض الأساليب التي أصبحت واقعاً حياتياً معيشاً يحكم أسلوب التعامل بين الرجل والمرأة، أو بين الأبوين والأبناء، ويطبع العلاقة بينهما بطابعه.. فنلاحظ مثلاً تحكم أسلوب العنف الذي تطبع به المجتمع العائلي فغدا يمثل عرفاً حتى غدا طبيعياً نحاول إعطاءه تبريراً منطقياً حين نمارسه بدعوى كونه نهجاً تربوياً يعمل على تطبيع المرأة وأسلوبها بما يتناسب مع تطلعاتنا للبيت الزوجي، أو تطبيع الأبناء بطابع حياتي معين لتحقيق حالة الاستقرار داخل إطار الأسرة من خلال الالتزام بمنهج تعاملي مطلوب، والتناهي عن ممارسة أساليب حياتية اجتماعية أو فردية مخصوصة.
أن الحياة في زحام المدينة واشتداد المنافسة على فرص العمل وازدياد الاستهلاك مع ضعف الموارد وانخفاض الدخول وتراكم الديون على الأفراد وعجزهم عن تلبية متطلباتهم الأساسية وضعف الروابط الأسرية، كلها مجتمعة تعد المنبع الذي ينبع منه نهر العنف الأسري. والعنف داخل الأسرة -كما يصفه المهيزع- هو واحد من أشكال العنف التي توجه نحو واحد من أفراد الأسرة وإيقاع الأذى عليه بطريقة غير شرعية. ويتباين العنف الأسري في درجة الإيذاء النفسي والبدني ويراوح ما بين البسيط الذي يؤدي إلى غضب الضحية والشديد الذي قد يودي بها.
إن وفقت فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وإن أخطأت فني ومن الشيطان .
مشكلة البحث :
تأتي مشكلة دراستنا هذه أن تنبع من صميم الأسرة إي أنها تعصف بجيل المستقبل أي أن الأسرة هي النواة الأولى لأي فرد في المجتمع ولابد من أن يكون الفرد قد تزود منها يعني تعتبر هي المدرسة الأولى للتعلم والوالدين هما أول المعلمين والأخوان هما الزملاء فإذا صلح الزوجين (الأب والأم) صلح التلاميذ الأبناء فمن هنا تأتي أهمية هذا الموضوع لأنه يسلط الضوء على تربية النشأ وفوق هذا وذلك يقلل من مستوى التحصيل الوظيفي لأن المشاكل الأسرية تنعكس سلباً على مستوى الأداء بالنسبة للموظف أو حتى تعصف بكيان المجتمع ككل لذلك كان على المهتمين والمسئولين وصناع القرار أن يولوا إهتمامهم الي الأسرة وما يظهر منها من ظاهرة العنف .
أهمية البحث :
إن ازدياد انتشار ظاهرة العنف الأسري أصبح أمراً مثيراً للدهشة سواء على مستوى العالم أم على مستوى الوطن العربي, وباعتبار الجماهيرية جزء من الوطن العربي فقد كان لها نصيب في انتشاره خصوصاً في فترة التسعينات بعد انتشار الفضائيات والانترنت, لذلك أصبح من الأهمية مكان تناول ظاهرة العنف الأسرى باعتباره أحد ملامح العنف الذي يؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع وتكوينه, وذلك لأن ظاهرة العنف تعتبر مشكلة اقتصادية لما ينجم عنه من خسائر مادية كبيرة, ويعد أيضاً مشكلة علمية لأنه إذا وجد هذا السلوك العنيف دل على عجز العلم والإنسان عن تقديم فهم واقعي سليم للسلوك الانسانى, كذلك يعتبر مشكلة مرضية لأنه يعد عرضاً من أعراض المرض الاجتماعي, وهو مشكلة اجتماعية من حيث كونه مظهراً لسلوك منحرف لدى الفرد, ولذلك فقد تناولته المجتمعات بالبحث في جميع المجالات .
فرضيات البحث :
من خلال هذه الدراسة سوف نحاول أن نجيب على بعض هذه التساؤلات ومنها :
1. هل يؤثر العنف الاسري على المجتمع وتكوينه ؟
2. هل مشكلة اقتصادية لما ينجم عنه من خسائر مادية كبيرة بالنسبة للمجتمع ؟
3. هل يعتبر العنف الأسري سلوكاً منحرفاً ؟
4. هل جميع مظاهر العنف الأسري معروفة للجميع أم أن هنالك خبايا لا نعرفها تتستر عليها الأسر من واقع ( السترة والفضيحة ) ؟
5. هل المرأة هي دائماً الضحية (المعنّف ) أم أن الزوج أحيانً يمكن يقع عليه العنف هو أيضاً ؟
منهج الدراسة :
المنهج الوصفي التحليل هو الذي سوف يتم تطبيقه على هذه الدراسة .
حدود البحث :
الحدود الزمنية : خلال الفصل الدراسي الاول .
الحدود المكانية : يتم بحث العينة الموجودة في مدينة جدة .





الفصل الثاني
ماهية العنف الأسري
الأسرة :
الأسرة هي تلك الجماعة الإنسانية المكونة من الزوج، والزوجة، وأولادهما غير المتزوجين، الذين يعيشون معهما في سكن واحد، وهو ما يعرف بالأسرة النواة .
ولكن وهذا التعريف لا يعتبر جامع مانع لافتقاره إلى الدقة المطلوبة حيث حصر من خلال ذكره للأركان التي أوردها بالزوج، والزوجة، وأولادهما غير المتزوجين الذين يعيشون معهما في مسكن واحد، وفيه دلالة على أن المؤسسة الاجتماعية التي تتكون من الزوج والزوجة والذين لا ذرية لهم، أو عندهم ولكن لا يقيمون معهم في نفس المنزل لا يمكن أن تكون مصداقاً للأسرة.
تجزم النظرية التوفيقية بان الحياة الإنسانية حياة حيوانية، وان البشر ليسوا حيوانات من الناحية البيولوجية فحسب، بل أنهم حيوانات اجتماعية أيضاً (1)؛ ولذلك فلابد للمؤسسة العائلية من القيام بدور فعال في حفظ المجتمع الإنساني؛ لان أي محاولة لفهم الدور الإنساني للمؤسسة العائلية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الوظائف الاجتماعية التي تقوم بها العائلة لخدمة النظام الاجتماعي على صعيد تنظيم الحياة الخاصة بين الرجل والمرأة، ورفد المجتمع بالأفراد المنتجين، وإحياء الحياة الاجتماعية، وحماية الأفراد المنتمين للعائلة الواحدة ورعايتهم من الناحية العاطفية والاقتصادية.
فجميع المجتمعات الإنسانية ـ حسب النظرية التوفيقية ـ لا تسمح للأفراد بإنشاء علاقات خاصة بين الرجال والنساء ، دون ضوابط عرفية متفق عليها، بل القاعدة أن المجتمع الإنساني لا ينظر للسلوك الجنسي باعتباره مسألة خاصة بالفرد ، وانما يسلط عيناً فاحصة على هذه الممارسات الغريزية بين الجنسين ويرصدها رصداً تاماً، فالنظام الاجتماعي إذن، يقدم اطاراً اسرياً ينظم بموجبه العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى، ويحدد من خلاله نوعية الأفراد المتزوجين من حيث العمر والدخل والكفاءة، ويضع الشروط المناسبة لذلك.
أما نحن وفي ضوء التعاليم الدينية يمكننا أن نقدم التعريف التالي للأسرة هذه المؤسسة التي كانت ولا تزال محط الرعاية والاهتمام من قبل الأديان السماوية جميعاً، فنقول:
الأسرة: هي المؤسسة الاجتماعية التي تنشأ من اقتران رجل وامرأة بعقد يرمي إلى إنشاء اللبنة التي تساهم في بناء المجتمع، وأهم أركانها، الزوج، والزوجة، والأولاد.
تاريخ الأسرة:
لقد أجمع الباحثون في شؤون الأسرة على أن الأسرة تعد "أقدم مؤسسة اجتماعية للتربية عرفها الإنسان" .
مهام الأسرة :
(1) إنجاب الأطفال: فإنه من الأغراض الأساسية التي من أجلها شرع الزواج، وهيئت المقدمات لأجله حفظاً للنوع الإنساني من خلال الإنجاب.
(2) التنشئة الاجتماعية الصحيحة في ظل التعاليم الأخلاقية الفاضلة، والتي تساعد على دعم المجتمع باللبنات الصالحة التي تساهم في بناءه، والصعود به إلى مراقي الكمال، لا إلقاء الأطفال ليكونوا عالة على المجتمع، وعقبة في طريق تقدمه.
(3) حماية هذه المؤسسة المقدسة أبنائها قبال كل ما من شأنه محاولة هدمها، من الأخطار الخارجية والداخلية.
(4) وظيفة التربية والتعليم: فعلى الرغم من نشوء المؤسسات التعليمية في العالم، إلاّ أن الأسرة تبقى هي المعلم الأول لمن تنجبه من الأبناء.
(5) إعداد الأولاد وتهيئتهم للمشاركة في حياة المجتمع والتعرف على قيمه وعاداته.

الأسرة و الفرد :
إن ما سبق ذكره من إجماع الباحثين في شؤون الأسرة على كونها المؤسسة الاجتماعية الأقدم التي عرفتها المجتمعات الإنسانية، أمر لا سبيل لأحد إلى انكاره، فهو مما يعترف به الجميع على اختلاف مشاربهم، إلاّ أن هذا الأمر لا يمكن قبوله على علاته.
فمن يدقق في هذا الكلام يجد أنه يقود إلى القول بأن هناك فترة زمنية كانت قد سبقت الحياة الاجتماعية عاش الفرد خلالها حالة من العزلة، والحياة الفردية، ثم بعد ذلك جاءت مرحلة الحياة الاجتماعية التي تعد تالية في الترتيب الزمني للحياة الفردية. وهذا الأمر مما لا نعتقد به ولا نقره بحال ونستدل على عدمه، بما ورد في الكتب السماوية جميعاً.
فالأديان جميعاً تذكر لنا بأن ول بادرة للعيش على سطح الكرة الأرضية كانت اجتماعية.
فقصة نبي الله آدم معروفة ومذكورة في الكتب السماوية جميعاً، في كيفية إنزاله من الجنة إلى الأرض وحلوله وزوجه فيها.
أركان الأسرة:
(1) الزوج.
(2) الزوجة.
(3) الأولاد.
أهمية الأسرة:
نظراً للأهمية البالغة، والمكانة الرفيعة التي تحتلها الأسرة في المجتمع البشري، فقد كانت ولا تزال محط اهتمام الكتاب والباحثين، الذين صبوا جلَّ اهتمامهم للأسرة وقضاياها، وحل المشاكل التي من شأنها أن تقف حجر عثرة في طريق الأسرة لتحول بينها وبين الهدف الذي تروم الوصول إليه.
لقد نشأت الكثير من العلوم أثر هذا الاهتمام المنقطع النظير بالأسرة منها علم النفس التربوي.
فالأسرة هي «احدى العوامل الأساسية في بناء الكيان التربوي، وإيجاد عملية التطبيع الاجتماعي .
كما أن الأسرة قد ساهمت بطرق مباشر في بناء الحضارة الإنسانية وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس، ولها يرجع الفضل في تعلم الإنسان لأصول الاجتماع، وقواعد الآداب والأخلاق، كما أنها كانت السبب في حفظ كثير من الحرف والصناعات التي توارثها الأبناء عن آبائهم .
هذا وتمثل الأسرة للإنسان «المأوى الدافيء، والملجأ الآمن، والمدرسة الأولى، ومركز الحب والسكينة وساحة الهدوء والطمأنينة.
إن للأسرة من الأهمية في تنمية الطفل وبناء شخصيته ما لا يمكن أن يصفه الواصف.
فالأسرة «كانت ولا تزال المؤسسة الوحيدة التي تعلِّم، وتهذب الطفل، وتنقل إليه عن طريق الأب خبرات الحياة، ومهارتها المحدودة، ومعارفها البسيطة.
كما أن للأسرة «الأثر الذاتي، والتكوين النفسي في تقويم السلوك الفردي، وبعث الحياة، والطمأنينة في نفس الطفل، فمنها يتعلم اللغة، ويكتسب بعض القيم، والاتجاهات...
فإليها يعود الفضل في تشكيل شخصية الطفل، واكسابه العادات التي تبقى ملازمة له طول حياته. فهي البذرة الأولى في تكوين النمو الفردي، وبناء الشخصية، فإن الطفل في أغلب أحواله مقلد لأبويه في عاداتهم وسلوكهم فهي أوضح قصداً، وأدق تنظيماً، وأكثر احكاماً من سائر العوامل التربوية.
العنف :
عرف العنف لغوياً " بأنه الخرق بالأمر وقلة الرفق به, وهو ضد الرفق, وأُعنف الشيء: أي أخذه بشدة, والتعنيف هو التقريع واللوم “.
وفى المعجم الفلسفى :" العنف مضاد للرفق , ومرادف للشدة والقسوة , والعنيف هو المتصف بالعنف , فكل فعل شديد يخالف طبيعة الشىء ويكون مفروضاً عليه من خارج فهو بمعنى ما فعل عنيف "
وعرف فى العلوم الاجتماعية بأنه " استخدام الضبط أو القوة استخداماً غير مشروع أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة فرد ما ".
ويعرفه الشربينى بأنه : " الإكراه المادي الواقع علي شخص لإجباره علي سلوك أو التزام ما وبعبارة أخري هو سؤ استعمال القوة ، ويعن جملة الاذي والضرر الواقع علي السلامة الجسدية للشخص ( قتل – ضرب – جرح ) ، كما قد يستخدم العنف ضد الأشياء ( تدمير – تخريب – إتلاف ) حيث تفترض هذه المصطلحات نوعا معينا من العنف والعنف مرادف للشدة والقسوة ".
والعنف كما عرفته الأمم المتحدة هو "الفعل القائم على سلوك عنيف ينجم عنه الإيذاء أو المعاناة (الجنسية، النفسية)، أو الحرمان النفسي من الحرية في الحياة العامة أو الخاصة".
وهو ظاهرة عالمية لا تخص الشرق دون الغرب، ولكن نساء العالم يشتركن في الهم سواء، ولكن تختلف الظروف المحيطة بكل مجتمع؛ فهناك العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لكل مجتمع ولكل دولة.
ومن خلال ما سبق كله يمكن تعريف العنف: بأنه أي سلوك يؤدي إلي اياء شخص لشخص اخر قد يكون هذا السلوك كلاميا يتضمن اشكالا بسيطة من الاعتداءات الكلامية او التهديد وقد يكون السلوك فعليا حركيا كالضرب المبرح والاغتصاب والحرق والقتل وقد يكون كلاهما وقد يؤدي الي حدوث الم جسدي او نفسي او اصابة او معاناة او كل ذلك " .
من خلال ما سبق يتضح ان العنف شئ غير مرغوب فيه وهو يصيب بالذعر والخوف لما يؤدي اليه من نتائج ، فكيف اذا كان هذا الامر يصل الي الاسرة التي من المفترض ان تكون المكان الاكثر امانا وسكينة حيث الزوج والزوجة والأبناء وقد قال تعالي في كتابه : " ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها ، وجعل بينكم مودة ورحمة ، ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون ."
العنف الأسري :
وقد عرف العنف الاسري ومنهم من اسماه بالعنف العائلي عدة تعريفات حيث عرف طريف العنف الاسري بانه :" سلوك يصدره فرد من الاسرة صوب فرد اخر ، ينطوي علي الاعتداء بدنيا عليه ، بدرجة بسيطة او شديدة ، بشكل متعمد املته مواقف الغضب او الاحباط او الرغبة في الانتقام او الدفاع عن الذات او لاجباره علي اتيان افعال معينة او منعة من اتيانها ، قد يترتب عليه الحاق اذي بدني او نفسي او كليهما به " .
اما التير فقد جاء بتعريف للعنف العائلي بانه :" هو الافعال التي يقوم بها احد اعضاء الاسرة او العائلة ويعني هذا بالتحديد الضرب بانواعه وحبس الحرية ، والحرمان من حاجات اساسية ، والارغام علي القيام بفعل ضد رغبة الفرد والطرد والتسبب في كسور او جروح ، والتسبب في اعاقة ، او قتل ".
ومن خلال التعريفين السابقين يمكن تعريف العنف الأسري بانه : " هو السلوك الذي يقوم به احد افراد الأسرة دون مبرر مقبول ، ويلحق ضررا ماديا او معنويا او كليهما بفرد أخر من نفس الاسرة ، ويعني ذلك بالتحديد : الضرب بأنواعه ، وحبس الحرية ، والحرمان من حاجات أساسية ، والإرغام علي القيام بفعل ضد رغبة الفرد ، والطرد والسب والشتم والاعتداء والشتم والاعتداءات الجنسية والتسبب في كسور او جروح جسدية او نفسية " .
أصبح من الواضح بعد ما سبق كله ان مشكلة العنف الأسري مشكلة اجتماعية تؤثر في جميع نواحي المجتمع لذلك وجب التصدي لها والعمل علي فهمها والبحث فيها ووصولا الي وضع حلولا لها .
إن الوعي الاجتماعي بمشكلة المجتمع هو مرحلة متقدمة من مراحل تطور الفكر الإنساني بداء بمرحلة المعرفة الأولية أو ما يمكن أن يطلق عليها المعرفة الحسية ، ومرورا بالمرحلة الفكرية أو التصورية الناقدة ثم الوصول إلي مرحلة الوعي الحقيقي غير المزيف بالواقع وقضاياه.
وظاهرة العنف شانها شان غيرها من الظواهر الاجتماعية التي تحتاج إلي معرفة حجمها الحقيقي والوعي بالعوامل الموضوعية لفهم الظاهرة وتحليلها ، وكذلك الوعي بنمط الحياة المعيشية حتي يمكن تحليل الظاهرة من سياقها المجتمعي للوقوف علي مسار تطورها ، والكشف عن أسبابها حتي يتسنى العمل علي الحد من انتشارها .
العنف الأسري في نظر علم الإجتماع
أن ظاهرة العنف الأسري جاءت نتيجة للحياة العصرية، إذ أن من ضرائب التنمية والتحضر ظهور مشاكل اجتماعية لم تكن موجودة في المجتمعات التقليدية. ويشير إلى أنه في مرحلة ما قبل التنمية كانت قضايا العنف الأسري أقل بسبب نمط الأسرة الممتدة التي يوجد فيها الأب والأم والأبناء وأبناء الأبناء وزوجات الأبناء، وهذا هو النمط الذي كان سائداً في ذلك الوقت. وفي ظل هذه الأسرة، تكون السلطة الأسرية موزعة على الأفراد بطريقة شبه متساوية، الأمر الذي يشكل حماية لأفراد الأسرة من تسلط شخص واحد، وإذا حصل اعتداء من شخص من أفراد الأسرة على آخر، فسوف يجد المعتدى عليه مصادر عديدة للدعم والمساندة الاجتماعية فيسهم ذلك في تخفيف مصابه. أن تعاون أفراد الأسرة البالغين في أمور الإعالة، يخفف من عوامل الضغط النفسي والإحباط، وهي من المنابع الأولية لمشكلة العنف الأسري.




الفصل الثالث
أسباب وأشكال العنف الأسري
العنف الأسري:
أن قضية العنف الأسري لتعتبر من أكثر الظواهر الاجتماعية التي دعت العديد من الباحثين لإجراء عدد من البحوث التي تهدف لتعميق الفهم من خلال الدراسة والتحليل .
في محاولات ، تتسم بالجدية والتحدي ، لإيجاد حلول واقعية وجذرية في جميع أنحاء الكرة الأرضية متمثلة عبر هذه الصفحات الذهبية لنستكشف معا ما قيل عن هذه القضية وأوراقنا هذه مطروحة كمادة قابلة للنقاش (can be discussed) والجدل حولها واستخلاص النتائج والتوصيات .
الأسباب الرئيسية للعنف الأسري
كما ذكرنا فالعنف الاسرى ( ونعنى به العنف في اطار الاسرة النواة ) او العنف العائلي (وهو العنف في اطار الاسرة الممتدة) موجود في كل المجتمعات واسبابه عديده أهمها:
• الخلافات العائلية الاجتماعية.
• الخلافات الزوجية بسبب التباين الاجتماعي والثقافي.
• الازمات الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة.
• الاضطرابات النفسية.
• تعاطى الخمور والمخدرات وبلعب تعاطى القات دور لا يستهان به ايضاً.
• تدنى الوعـي بالعلاقات المختلفة داخل داخل العائلة وكيفية التعامل معها.
• تدنى تقييم الذات.
هذه هي أهم الأسباب للعنف العائلي والتي ترتبط ببعضها البعض في تشابك ملحوظ فعادة الازمات الاقتصادية داخل العائلة والظروف المعيشية الصعبة التي تواجه أي عائلة تؤدى الى بروز الخلافات العائلية وتتوسع بين افراد العائلة وتظهر جوانب الخلاف والتباين والبعض تؤثر عليه هذه المشكلات تأثيراً يقوده الى الاضطراب النفسي .. ويسود القلق العام تجاه قضايا تعددت وتشابكت، ان تعاطى الخمور كنوع من الهروب من المشكلات المحيطة لدرجة يدمن البعض فيها الخمر او غيره من المسكرات يفرز نوعا اخر من المشكلات فقد اوضحت دراسة للمقدم / سعاد عبد الله محمد نائب رئيس قسم مكافحة المخدرات بعدن ان جرائم الاعتداء على المحرمات في اليمن كان معظمها بسبب تعاطى الخمر وقلة الوازع الديني وكذا غالبية حالات الانتحار.
اما تعاطى المخدرات وهو الاخطر حيث من الصعب الاعتراف بأن احد افراد العائلة يتعاطىالمخدرات لانها جريمة وسلوك غاية العيب في مجتمع محافظ ولكن احدى المبحوثات اعترفت بان شقيق زوجها وهو ابن عمها في نفس الوقت شاب في مقبل العمر يعيش معهم في المنزل يتعاطى المخدرات ويتحرش بها وببناتها في غياب زوجها ولم تخبر زوجها لانها خائفة من العواقب !!
أشكال العنف الأسري :
للعنف أشكال متعددة، ولا توجد حدود فاصلة بين أنواع العنف (جسدي ونفسي وجنسي) فكلها تتداخل مع بعضها البعض، كما أنه لا توجد حدود فاصلة بين ما يمكن تسميته العنف الأسري أو المجتمعي؛ فمثلاً ممارسات مثل " الدخلة البلدي، جرائم الشرف" تتم بأيدي أفراد الأسرة، ولكنها بضغوط من المجتمع، وهناك أيضا العنف الناتج عن النزاعات المسلحة.
ويشمل العنف الأسري: الضرب والإيذاء (الجسدي والنفسي والتحرش والاغتصاب والإهانة... إلخ)، وبالرغم من انتشار هذه الظاهرة فإنه يصعب رصدها وبالتالي تحليلها.
ولكن هناك بعض الإحصائيات تشير إلى هذه الظاهرة في بعض الدول العربية، وكانت قد نشرتها رابطة المرأة العربية 2003؛ ففي مسح ميداني باليمن لسنة 2000 أشار إلى أن 46.6% من النساء تعرضن للضرب، 54.9% تعرضن للإيذاء الجسدي، 50.9% من العينة ضحايا التهديد باستخدام العنف، 17.3% تعرضن لعنف جنسي.
وأشار المسح أيضا إلى أن 44.5% تعرضن لثلاثة أنواع أو أكثر من العنف، 87% من النساء اللائي تعرضن للعنف لا يعملن.
وفي المغرب أظهرت دراسة أعدتها جمعية مبادرات لحماية حقوق المرأة، على عينة من 995 سيدة أن 7 من كل 10 نساء ضحايا للعنف الأسري، وهذا النوع من العنف يزداد بين ربات البيوت واللاتي لا يعملن بالمقارنة بالموظفات، وأشار أيضا لوجود صلة بين مساحة المنزل وحالات العنف، فمن بين 10 نساء يعشن في مدن الأكواخ تعرضت 8 سيدات للعنف، كما أشارت الإحصائيات إلى أن نسبة الرجال الأميين الذين مارسوا العنف 76.4%، وأشار أيضا إلى أن العنف الجسدي 49%، والنفسي 16.4%، والجنسي 26.7%.
هناك أيضا بعض أنواع من العنف التي تعاني منه المرأة العربية في ظل الأسرة؛ وخصوصًا في شمال أفريقيا.
ختان الإناث: في مصر: أشار مسح ديموغرافي نشره مركز البحوث الاجتماعية والجنائية عام 1995 إلى أن الختان ينتشر بنسبة 97%، وفي آخر تحديث عام 2000 ما زال أيضا ينتشر الختان بنسبة 97% بالرغم من الجهود المبذولة للحد من انتشار هذه الظاهرة والقضاء عليها.
وفي الصومال قدرت منظمة اليونيسيف عام 1999 نسبة انتشار الختان بنسبة 90%، وتخلو التشريعات الصومالية من نص قانون يجرم الختان.
جرائم الشرف: وهي واحدة من مظاهر العنف، وتعرف بأنها القتل أو الأذى أو التهديد التي يرتكبها فرد من العائلة ضد فرد آخر من نفس العائلة، ففي اليمن سجلت 40 جريمة قتل ضد فتيات ونساء بسبب جرائم الشرف (طبقًا لمصادر اليونيسيف 1997م).
وفي الأردن: أكدت دراسة أجراها اتحاد المرأة الأردنية نُشرت عام 1998 أن القتل على خلفية الشرف يمثل 55% من نسبة جرائم العنف الموجه ضد المرأة، 75% متعلقة بصلة الجاني بالضحية، واحتل الأخ نسبة 75%.
وفي مصر: أكدت دراسة شملت الفترة من 1998: 2000 أن أسباب ارتكاب جرائم الشرف ترجع لعدد من المتغيرات:
• القتل لمنع إظهار العلاقة مع العشيقة، وبلغت نسبته 6%.
• الشك في السلوك يمثل 79%.
• اكتشاف الخيانة واعتراف الضحية يمثل 9%.
• 6% قتل لأسباب أخرى (اعتداء الأخ على أخته جنسيًّا أو اعتداء الأب على ابنته وظهور علامات الحمل عليها).
أسباب العنف الأسري
تنقسم الأسباب إلي ثلاثة أقسام هي :
أولا : أسباب ذاتية ترجع إلي شخصية القائم بالعنف كأن يكون لديه خلل في الشخصية بمعاناته من اضطرا بات نفسية او تعاطي المسكرات والمخدرات ، او يكون لديه مرض عقلي .
ثانيا: أسباب اجتماعية ( الظروف الأسرية التي يقوم بها القائم بالعنف التي ربما تتمثل في الظروف الاجتماعية الاقتصادية، مثل الفقر أو الدخل الضعيف الذي لا يكفي المتطلبات الأسرية، أو حالة المسكن أو المنطقة التي يعيش فيها أو نمط الحياة الأسرية بشكل عام، كثرة المشاحنات نتيجة لظغوط المحيطة أو عدم التوافق ألزواجي، كذلك المستوي الثقافي وكيفية قضاء وقت الفراغ، والمستوي العلمي لأفراد الأسرة ونوع المهنة التي يقوم بها القائم بالعنف، الو اعز الديني، العلاقة بين الطرفين.
ثالثا: أسباب مجتمعية ( كالعنف المنتشر والأحداث العربية والعالمية التي تنتقل عبر الفضائيات والانترنيت فالتغيرات التي تحدث في المجتمع الكبير تنتقل وبشكل غير مباشر إلي المجتمعات الصغيرة.
واذا اردنا ان نبحث عن اسباب العنف عند الرجل والمرأة ، فان هناك اسبابا كثيرة لا يمكن حصرها ولكن للتربية دوراً كبيرا في تحديد سلوك الانسان والتي قد تكون هي الاساس في انشاء شخصية عنيفة للرجل او المرأة وممكن ان تعبر عن اسباب العنف بانها نابعة عن ضائقة او ظرف غير عادي تعيشه المرأة او الرجل ويؤثر تأثيرا سلبيا على الهوية الذاتيه والذي قد يؤدي الى اللجوء الى العنف .
العنف الزوجي
يبدو ان العلاقات الزوجية لا تقوم على العطاء والحب والتبادل والعيش المشترك والسلوك التعاوني فقط .. ففي العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة ملامح متنوعة من السلوك العدواني ومن العنف تختلف في درجتها وشدتها وتكرارها .. وايضا في آثارها من علاقة لأخرى ووفقا للظروف والبيئة والمحيط والثقافة التي تعيش فيها هذه العلاقة.
وتتعدد اشكال العنف ودرجاته بين الزوجين .. واخف هذه الاشكال تقطيب الحاجبين وعدم الاستحسان لكلمة او فعل من الزوج او الزوجة تجاه شريكته او شريكها .. والمخالفة في الرأي حول موضوع معين ..
والتهكم والممازحة الثقيلة .. والتأجيل والتسويف والممطالة لفعل ما يطلبه الشريك الزوجي او يرغب فيه ، وايضا النسيان وعدم الانتباه لما يرضي الشريك ، وكل ذلك من السلوكيات اليومية المقبولة عموما والتي تزعج الطرف الآخر وتثير غضبه او انزعاجه ، ويجري تدارك نتائج ذلك بشكل او بآخر مثل الاعتذار او اعتبار ما حدث من قبيل سوء التفاهم او المزاح والدعابة ، وغيره مما يمكن له ان يعدل من نتائج السلوك العدواني مثل تقديم هدية او تحضير عشاء لذيذ وغير ذلك ...
واشكال العنف الزوجي الاكثر شدة تتضمن رفع الصوت واشتداد حدته ثم السخرية والتعيير والسباب والشتائم ، وهي جميعها اشكال من السلوك العدواني والاذى يقوم به احد الطرفين ويستدعي الدفاع او الهجوم المعاكس من الطرف الآخر .
والعنف الجسدي يعتبر اشد درجات العنف ، وهو خطر ويشمل البصق والقرص والعض وغرز الاظافر في جسد الآخر ، والصفع والدفع وتوجيه الضربات واللكمات بالايدي والارجل ، ورمي وقذف اشياء مختلفة تجاه الآخر ، والتهديد باستعمال الادوات الحادة وغير الحادة او استعمالها ومحاولات الخنق والقتل وغير ذلك ..
وبالطبع فان الرجل هو الذي يقوم بهذه السلوكيات العدوانية الخطيرة في الغالب وفي بعض الحالات يمكن للمرأة ان تقوم بها.
العنف ضد الزوج
تبين من جميع الدراسات التي تجريها الدول العربية على ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتها أن الزوجة هي الضحية الأولى وأن الزوج بالتالي هو المعتدي الأول.
وعلى سبيل المثال، تصل نسبة الزوج المعتدي في المجتمع المصري الى 9.71 في المئة حسب دراسة أجراها المركز القومي للبحوث في مصر. ويمارس الرجل عادة حقه في توقيع العنف على المرأة أكانت زوجة أو أماً أو ابنة أو أختاً. وتبلغ نسبة الآباء الذين يمارسون العنف في مصر حسب الدراسة السابقة 6.42 في المئة، فيما تبلغ نسبة الأخ المعتدي نحو 37 في المئة.
أما في السعودية، فدلت الدراسات أن 90 في المئة من مرتكبي حوادث العنف الأسري هم من الذكور، وأن أكثر من 50 في المئة من الحالات تخص الزوج ضد زوجته.
في قضية نادرة على غرار ما يحدث في أميركا: الإدعاء العام الكويتي يطالب بفسخ حضانة أب لإبنه بسبب تعذيبه له
العنف الأسري الموجه ضد الزوج
وعندما يذكر العنف الاسري يتبادر للاذهان فوراً وبدون تفكير ان الطرف المعنَّف هو المرأة التي تتلقى ضربات العنف بصورِهِ المتعددة سواء النفسية او الجسدية ، وان المعنِّف في غالب الاحيان هو الرجل ابا كان او اخاً او زوجاً ، وقد كثر الحديث والجدل عن قضايا العنف ضد المرأة ، وكثرت الكتابات التي خاضت غمار هذا الموضوع وما يحمله من ابعاد وتأثير على المجتمع ، كما وكثر الحديث عبر الصحف والمجلات والوسائل الاعلامية الاخرى حول العنف ضد المرأة في معظم المجتمعات العالمية ، ولكن هل يكون الرجل دائماً هو الجلاد الذي يمارس العنف بحق المرأة ، والمرأة دائماً هي الضحية ؟ وهل تكون عصا التعنيف دائماً في يده بينما لا يمكن ان تحمل المرأة مثل هذه العصا ولا يمكن ان تكون حتى في بعض الاحايين هي الجلاد ؟
العنف ضد الزوجة
ولا يمكننا ان نغمض العينين عن الحوادث المؤلمة والظروف القاسية التي تعيشها ثلة من الزوجات اللواتي يقبعن تحت سقف العنف والضرب والاهانة التي تمارس عليهن من قبل أزواج لا يبالون من التجرد من رداء الإنسانية والمسؤولية ، ولا يراعون حرمة الإنسان الذي كرمه الله تعالى وفضله على كثير من خلقه ، ولا يحافظون على حدود الله في أمانات استأمنوا عليها ممن اخذن منهم ميثاقا غليظاً ، وحتى لا نتهم بالعنصرية والتحيز لفئة النساء ، فإننا نود ان نبين ان هناك أيضا ظلماً وعنفاً وضرباً يمارس من قبل بعض الزوجات على أزواجهن ، لان الواقع الذي يشهد بوجود عدد كبير من النساء المعنفات من قبل الأزواج لهو نفس الواقع الذي يشهد ان هناك ايضا رجالاً مظلومين يتعرضون لاضطهاد وعنف من قبل الزوجات فإذا كان الامر كذلك فما هي أسباب وأساليب الاضطهاد والظلم الذي تمارسه الزوجة بحق زوجها ؟ وما هي اشكال وصور الظلم الواقعة على الرجل ؟ وما هي النظرة الاجتماعية تجاه رجال معنفين او مضطهدين ، بل كيف ينظر المجتمع لزوجات من هذا النوع ؟
وإذا كان في بعض الاحيان عنفٌ متبادل بين الزوجين فأي عنف تمارسه المرأة بحق زوجها وتكون فيه هي الاقوى ؟
صور العنف الذي تمارسه الزوجة
ان تعريف العنف بمفهومه الشامل يدخل ضمنه العنف الجسدي والعنف اللفظي والنفسي والعنف الجنسي وإذا كان الرجل بارعاً ويتقن اسلوب العنف الاول ( الجسدي ) الا ان المرأة اكثر براعة في العنف النفسي واللفظي وهي عادة ما تكسب الجولة في هذين النوعين مما قد يؤدي في معظم الحالات الى عنف معاكس من قبل الازواج وان كنا قد سمعنا او قرأْنا عبر الصحف والمجلات عن بعض الحالات والقصص من هنا وهناك عن زوجات مارسن اسلوب الضرب بحق ازواجهن مستخدمات بذلك اسلحة مثل الاحذية او ادوات حادة او الماء المغلي وغيرها من اسلحة الضرب الا ان مثل هذه الحالات تظل قليلة وفي نطاق محدود وعادة ما يقابل الحديث عن ضرب الزوجة زوجها من قبل المجتمع والناس بالسخرية والتهكم لتكون مثل هذه القصص مادة للتسلية في الجلسات العامة والخاصة .
الا ان الضرب بشكل عام لا يقتصر على العنف الجسدي ، بل له اشكال متعددة فالضرب قد يمارس بعده طرق وباساليب شتى وبوسائل يكون تأثيرها فتاكاً بل اخطر مما قد يتصوره العقل ، والزوجة قد تمارس العنف ضد زوجها باشكال مختلفة وباسلوب اشد من اسلوب الضرب العادي ، والقصص كثيرة والامثلة منتشرة .

العنف الكلامي
بالرغم من ان المرأة عادة ما تتأثر بالعنف الكلامي ضدها من قبل زوجها اكثر مما تتأثر بالعنف الجسدي ، إلا انها رغم ذلك غالباً ما تستخدم هذا الاسلوب في التعامل مع زوجها ، وعلى الرغم من أن كلمة صغيرة يتفوه بها زوجها قد تجرحها وتجرح انوثتها لوقت طويل الا انها على الاغلب لا تتنبه الى الالفاظ والعبارات التي تلقيها في وجه زوجها للتعبير عن غضبها منه.
فالعنف الكلامي باعتقادي له تأثير اقوى من سلاح الضرب فالكلمة القاسية والخبيثة يمكن ان تفعل فعالها اكثر مما يفعله السيف ، فصاحبة اللسان السليط والكلمات الغليظة والنابية والاسلوب الفظ والعبارات البذيئة والتي ما ان تنتابها ثورة الغضب حتى تستثيرها وتهزها لتبدأ تطلق صواريخها امام زوجها غير مبالية بصوتها المرتفع الذي طرق مسامع ابنائها وبناتها الذين يلتقطون منها تلك العبارات السوقية ويحفظونها في ذاكرتهم ويرددونها على السنتهم لتصبح من طبائعهم ، ويتلقون منها دروسا في سوء الاخلاق تبنى عليها شخصياتهم ونفوسهم المهزوزة .
كل هذا امام حضرة الزوج المسكين الذي يسأل الله الصبر على هذا البلاء الذي المّ به والذي ما اجبره على الصمت والسكوت على هذا الحال الا اتقاء لشرها وخوفاً من ان تتمادى بصلفها وسوء عشرتها وذلك اكراماً لاولاده وخوفاً على بناء اسرته من الانهيار ، وقد شاهدت بأم عيني وسمعت باذني زوجة تسب الذات الالهية ( والعياذ بالله ) اثر نقاش عادي دار بينها وبين زوجها ... اليس هذا عنفاً وضرباً اشد واعتى من ضرب السهام والسيوف ؟

عنف الأنانية
هناك عنف من نوع آخر قد تصفع به الزوجة نفسية زوجها بل تطعنه طعنة تؤدي الى هلاكه في الدنيا والآخرة .
وهذا الاسلوب تعتمده بعض الزوجات لتمتلك قلب زوجها وتنفرد به لوحدها وتعمل جاهدة على قطع كل صلة قربى ومحبة بينه وبين اهله وذويه ، فنراها توغر صدره على والده او والدته ونراها تشعل فتيل الفتنة والقطيعة بينه وبين اخوته فتبني بينه وبينهم سداً منيعاً يحول دون التواصل والالفة والتراحم ، وكم من مآسٍ في العقوق كان سببها الزوجة وكم هي الحوادث المأساوية التي كانت نتيجتها سفك الدماء بين الاخوة سببها الزوجة ، وكم من رحم قطعها أخوها وداس على قلبها ومشاعرها كانت زوجته وراء ذلك كله ، والمؤلم في الامر ان هذا الصنف من الزوجات من تقيم الدنيا وتقعدها عندما يقاطع زوجها اهلها هي او يأبى التواصل معهم اما مقاطعة اهله ووالديه فلا تستثير فيها ذرة من ضمير او انسانية ، وكم من ازواج استجابوا لكيد نسائهم ولبوا نداء مكرهن وتلطخوا في اوحال العقوق فذاقوا وبال امرهم عقوبة في الدنيا فتدهورت احوالهم وساءت ظروفهم فكان جزاؤهم من جنس عملهم ، فضلاً عن العقوبة والجزاء الاليم الذي ينتظرهم في الآخرة... اليس هذا عنفا وضربا اشد واعتى من ضرب السهام والسيوف ؟
العنف المجتمعي
وعن تعريف العنف الذي يمارس ضد المرأة في المجتمع فهو عنف تتعرض له النساء في أماكن العمل أو المؤسسات أو الشارع لأنواع عديدة من أشكال العنف، مثل (التحرش الجنسي، والاغتصاب والاستغلال والاتجار بالإناث)، ويعتبر من أهم ما تتعرض له المرأة هو الاستغلال والاتجار بها، واستخدامها كسلعة لزيادة الربح، فتجارة الجنس (الإناث) أصبحت مقوما أساسيا لاقتصاديات عدد من الدول النامية (تايلاند، رومانيا، المجر، الاتحاد السوفيتي) فانتشار البطالة والفقر واليأس أدى لدفع النساء لهذا العمل.
فهناك 700 مليون امرأة فقيرة من بين الفقراء في العالم، كما أكدت الناشطة "فريدة النقاش" رئيسة تحرير مجلة (أدب ونقد) أن ضغط الفقر جعل بعض منظمات وعصابات المافيا تخطف الفتيات وتستولي على جواز سفرهن، وترغم على هذا الفعل، وهذه التجارة تدر عائدا بالمليارات؛ فإحدى بلاد جنوب شرق آسيا يمثل العائد السنوي لها من وراء هذه التجارة 2.6 مليار دولار، وفي الدول العربية زادت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ فهناك 3.5 مليون امرأة فلبينية يأتين إلى الشرق الأوسط للعمل في الخدمة والبغاء. وقد أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا حكت فيه بعض الحالات كيف يتم الاتجار فيهن، وكان التقرير بعنوان "الاتجار بالنساء 2002م"؛ حيث تم بيعهن في المزاد العلني حيث وصل سعر الواحدة إلى عشرة آلاف دولار.
ولم تكتف بعصابات المافيا ومنظمات تجارة الجنس ولكن أيضا الإعلام، فالمرأة ضحية الإعلام كما ذكرت المحامية "أسمى خضر"، المرأة ضحية الإعلان والإعلام فهما لم يقدما الصورة الإنسانية التي تظهر عطاءات المرأة عبر التاريخ، فالإعلام ينظر إلى المرأة فقط من زاوية الجسد، فالصورة الإعلامية صورة سلبية وتشييئية ، تجعل المرأة شيئا نستخدمه لإثارة الغرائز واستفزاز المستهلك لمزيد من الشراء، وهذا استغلال للمرأة.
أنماط العنف
ويمكن تعريف العنف الأسري بأنه "كل استخدام للقوة بطريقة غير شرعية من شخص بالغ في العائلة ضد أفراد آخرين منها". أما الإساءة للأطفال، وفقًا لاتفاقية حقوق الطفل، فهي "أي فعل أو الامتناع عن فعل يعرض حياة الطفل وأمنه وسلامته وصحته الجسدية والجنسية والعقلية والنفسية للخطر".
العنف ضد الأطفال :
• الاعتداء الجسدي (العقوبة البدنية)
• الاعتداء الجنسي (استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق أو تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي... إلخ)
• الاعتداء العاطفي (السباب والترهيب والإذلال والتدليل المفرط والسخرية... إلخ)
• الإهمال (سوء المعاملة والفشل في توفير الرعاية المناسبة... إلخ)
ويتفق الباحثون الاجتماعيون والنفسيون على وجود عوامل متشابكة لتبرير حدوث العنف الأسري نحو الطفل، ومنها: العوامل الاجتماعية (كالخلافات بين الأبوين وارتفاع عدد أفراد الأسرة وشيوع النموذج الأبوي المتسلط...)، والعوامل الاقتصادية (كالفقر وبطالة رب الأسرة...)، والعوامل القانونية (كتدني الوضع القانوني للمرأة والطفل، وانعدام الأهلية القانونية...)، والعوامل السياسية، والعوامل النفسية (كعدوانية الأطفال أنفسهم وإعاقتهم الذهنية والعقلية وتأخرهم الدراسي...)، ووسائل الإعلام (التي تنشر حالات العنف في المجتمع عن طريق التقليد أو النمذجة...).
وحول سيكولوجية الشخصية التي ترتكب جرائم العنف الأسرية ضد الأطفال والنساء تقول الباحثة إيمان شريف في الرسالة التي نالت بها الدكتوراه في كلية الآداب بجامعة عين شمس بمصر:
الشخصية العنيفة :
• صورة سلبية ومشوهة للذات
• سطحية الانفعالات
• ضعف الروابط الانفعالية مع الآخر
• فقر الحاجة للحب والرعاية
• الإحساس بفقدان الأمن
• السلبية في حل المشكلات
• الانسحابية من المواقف دون إيجاد حلول للمشكلة
• تفضيل الحلول العدوانية
• وجود السيكوباتية بسماتها العدوانية
• ثنائية الإدراك، وانفصام الشخصية بين الرغبة في الاعتماد والرغبة في التدمير
• مشاعر الاضطهاد والإحساس بالظلم




الفصل الرابع
المرأة في الاسلام:
رفع الاسلام من مكانة المرأة وبين منزلتها الطبيعية في المجتمع وقرر لها حقوقها المشروعة ولم يمنح وانما ينفذ، وهكذا فعل الرسول عليه السلام فقد بين مساواتها للرجل في الحقوق والواجبات، قال تعالى (ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)، وقال (فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل من ذكر او انثى بعضكم من بعض)، وكثير غيرها من الايات، قال عليه السلام "انما النساء شقائق الرجال"، (رواه ابو داوود)، وقال عمر بن الخطاب: "كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا، فلما جاء الاسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا"، (رواه البخاري)، وجعل ذمتها المالية مستقلة عن ذمة الرجل تتصرف فيها بما يحل كما تشاء بيعا وانفاقا ووصية ووكالة وكفالة، وفي سائر المعارضات والالتزامات، قال عليه السلام ( ان اردتم استبدال زوج مكان وآتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا واثما مبينا).
وجعل الله حقا في الميراث ولم تكن عند كثير من الامم حتى اليوم بل كانت من المتاع الذي يورث، ومنع ان تزوج الا برضاها، وساواها مع الرجل في حق التعليم فكن خطيبات وواعظات وعالمات وطبيبات ومحدثات وكاتبات وادبيات وشاعرات، واباح لهن العمل بالتجارة والحرفة والصناعة، وسمح لها ان لها ان تتولى القضاء مطلقا كما رأى الطبري او مقيدا عند غيره، وسمح لها ان تشترك في امور السياسة والتشريع. والادلة على ذكر ذلك كثيرة مما ليس له مجاله هنا.
وقد قرر لها حسن المعاملة، قال تعالى(وعاشروهن بالمعروف)، وقال عليه السلام "خير الرجال من امتي خيرهم لنسائهم وخير النساء خيرهن لازواجهن"، وقال: "خير الرجال من امتي من يلطف باهله لطف الوالدة بولدها"، وقال: "خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي"، فاللطف واللين والمودة والمحبة والمؤانسة وحسن النفقة والمشاورة وغيرها من حسن المعاملة، وذلك تحقيق لقوله عليه السلام: "استوصوا بالنساء خيرا"، وقوله: "خياركم خياركم لنسائهم" (رواه الترمذي وهو حديث حسن صحيح).
ومن البديهي ان يحسن معاملة الاولاد والآباء وبقية الاسرة بالرحمة والمودة والبر والتأديب للاولاد والتوجيه السليم. واي معاملة غير ما ذكرت تكون مخالفة لاوامر الله ونواهيه، فالقسوة والعنف في معاملة المرأة زوجة او بنات او اخوات مما لا يقره الاسلام ولا يرضاه بل يعاقب عليه في الاخرة ويحاسب عليه في الدنيا ويمنع منه. قال عليه السلام: "ما احسن اليهن الا كريم وما اهانهن الا لئيم"، وقال: "اما يستحي احدكم ان يضرب امرأته كما يضرب العبد؟!"، والضرب قبيح والرسول عليه السلام يقول "ولا يضرب خياركم"، ناهيك عن الشتم والسب والاهانة فهي من صفات السفهاء، وقد روى معاوية بن حيدة قال: "قلت يا رسول الله ما حق الزوجة احدنا عليه؟ ان تطعمها اذا طعمت، وتكسوها اذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر الا في البيت" (رواه بن حبان). وقال: "رجلا سأل رسول الله عليه السلام: ما حق المرأة على الزوج فذكره، لا تقبح بتشديد الموحدة اي لا تسمعها المكروه ولا تشتمها ولا تقل قبحك الله ونحو ذلك".

معاملة الابناء في الإسلام :
وبهذا يتضح ان الاسلام يمنع العنف في الاسرة مع الابوين والاولاد ومع الزوجة والبنات والاخوات وبقية الاقارب من النساء.
واذا كان في مجتمعنا جهال يستعملون الضرب والاهانة للزوجة ويرون من حقهم عليها ان يفعلوا اكثر من ذلك كما نرى ونسمع ونتدخل في حل المسكلات زوجية كثيرة. فهو من سوء التربية وسيطرة اخلاق الجاهلية وعدم انصياعهم لاوامر الدين ونواهيه، وتأثرهم بالافلام والمسلسلات التلفزيونية ولا سيما الغربية منها التي تصور كثيرا من حالات العنف مع النساء وضربهن وجرحهن في قسوة ووحشية بالغة، فهم بحاجة الى انزال العقوبة الرادعة بحقهم شرعا وقانونا عدا عن العقوبة التي تنتظرهم في الآخرة، ولا يعتبر عملهم هذا حجة على الدين.
اما الأولاد فلا بد من تربيتهم على الخلق الفاضل والاداب الحميدة، واستعمال الرفق في معاملتهم وذلك بما يلي:
ان نكون لهم القدوة في سلوكنا فالطفل يتأثر بوالديه وبمن حوله، وروى عبدالله بن عامر قال: "دعتني امي يوما ورسول الله قاعد في بيتنا فقالت: يا عبد الله تعال حتى اعطيك، فقال لها رسول الله: ما اردت ان تعطيه؟ قالت: تمرا، فقال: اما انك لو لم تعطه شيئا لكتبت عليك كذبة".
المساواة في العطية؛ اي يجب ان يساوي بين اولاده في المعاملة فلا يعطي الذكور ويحرم البنات ولا يفضل ولدا على ولد ، روى البخاري عن النعمان بن بشير "ان اباه اتى به رسول الله عليه السلام فقال: اني نحلت ابني هذا – اي اعطيته – غلاما كان لي، فقال رسول الله: اكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال: اتقوا الله واعدلوا في اولادكم، فرجع ابي فرد تلك الصدقة".
الرحمة؛ اي العطف والشفقة واللطف واللين معهم، وقد روى ان النبي قبل الحسن والحسين لبني علي عليه السلام وعنده الاقرع بن حابس التميمي، فقال الاقرع: ان لي عشرة ما قبلت منهم احدا قط، فنظر اليه رسول الله ثم قال: "من لا يرحم لا يرحم".
المداعبة والملاعبة؛ روي ان النبي عليه السلام قال: "تصابوا لصبيانكم"، وروي ان طفلا مات له نغير (عصفور صغير)، فطلب الرسول منه ان يحدثه عن عصفور بقوله: "يا ابا عمير ما فعل النغير!".
تعويد الاولاد على اللعب المفيد والرياضة بممارسة الالعاب المختلفة بحسب اعمارهم وكاللعب بالرمل. وقد شاهد الرسول مرة اطفالا يلعبون بالتراب فقال: "التراب ربيع الصبيان"، وكان يشجعهم على الركض ويقول: "من سبق فله مكافأة مني".
التأديب؛ والمقصود بالتأديب التربية بالدلالة على الخطأ ومنع وقوع الطفل في الممارسات الخاطئة وذلك بالتوجيه السليم والتعليم والتنبيه عليها، قال: "علموا اولادكم ولا تعنفوا فان المعلم خير من المعنف"، وفي حديث آخر "عليك بالرفق واياك والعنف والفحش"، وقد نبه المربون المسلمون القدامى كابن خلدون وابن سينا والغزالي والقابسي الى ان التربية الحقة لا تلجأ الى التوبيخ والتأديب الا اذا لم ينفع التوجيه الرفيق والتعليم المثمر والتنبيه الهاديء، وينبغي ان يكون التوبيخ بدون تجريح او اهانة او استهزاء فاذا لم ينفع التأديب بهذه الطريقة لتقويم الاعوجاج، لجأ المربي او الابوان الى استعمال العصا اي في حالة اليأس من نجاح اي اسلوب اخر ومن دون عسف او قهر او سخرية حتى لا يؤدي ذلك الى ايذاء الطفل وخوفه وحقده او غرس القسوة في نفسه، قال ابن خلدون: "من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين او المماليك او الخدم سطا به القهر وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها ودعاه الى الكسل، وحمله على الكذب والخبث خوفا من انبساط الايدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة وصارت له خلقا وعادة وفسدت معاني الانانية التي له".
وهنا ننبه على ان العنف في تربية الاولاد في اسرهم من اشد الاخطاء في التربية ومن اكثرها سوءا وابعدها اثرا في حياتهم؛ لانها تؤدي بالاطفال الى الحقد على الناس وكراهية الابوين وزرع الخوف والاحجام والانعزال عن الناس، وإما الى التشرد والهروب من البيت والانحراف والشذوذ في الاخلاق وانتشار الرذيلة والفساد، وهذا من اكبر آفات المجتمع وضياعه، والابوان والمؤدبون في البيت كالطبيب كما يقول الامام الغزالي فلا بد ان يعامل الطفل بما يصلح له متدرجا من النصيحة بالرفق والتوجيه والارشاد ثم بالتوبيخ والتأديب والهجر والا يستعمل الضرب الا للتأديب ويتجنب الايذاء والغضب، ويمنع الاسلام ان يضرب الطفل قبل سن العاشرة اخذا بحديث النبي عليه السلام "مروا اولادكم بالصلاة وهم ابناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم ابناء عشر"، والضرب غير مبرح ولا مؤذي.
ان العنف الاسري الذي يمارسه الآباء بل والامهات بل والعائلة مع الاطفال جريمة اجتماعية لا ينبغي السكوت عليها، وهي ليست مقصورة على مجتمعاتنا بل هي في كل المجتمعات، وهي تمارس في الشعوب المتقدمة علميا كما تمارس في الشعوب المتخلفة، وقد نهت الاديان عنها ولا سيما ديننا الاسلامي الحنيف، قال عليه السلام "اذا اراد الله تعالى بأهل بيت خيرا ادخل عليهم الرفق، وان الرفق لو كان خلقا لما رأى الناس خلقا احسن منه، وان العنف لو كان خلقا لما رأى الناس خلقا اقبح منه."
وعودا الى معاملة النساء السيئة في الاسرة، ان بعض الشعوب التي تدعي التحضر تنتشر فيها العادة السادية التي يتلذذ الرجل بضرب المرأة زوجة او عشيقة لداع او لغير داع، ولا سيما قبل ممارسة الجنس معها مما لا يعرفه مجتمعنا العربي الاسلامي، حتى وليس منتشرا في البلاد المتخلفة.
ولكن من ناحية اخرى ان العنف لا يكون من الرجل نحو المرأة فقط ولكنه قد يكون من المرأة نحو الرجل، فامرأة لوط وامرأة نوح وتولستوي وابراهام لنكولن وتيودورا الرهيبة التي حكمت الدول الافريقية، والجرائم التي نسمع عنها عالميا من النساء وآخرها التي اجرمت في ولدها، وعنف النساء مع النساء التي استشرت في العرب ولا سيما في بريطانيا ففي تقرير نشرته مؤسسه "ديموس" ذكرت حوادث العنف من النساء ضد النساء قد بلغت نسبة عالية، وكذلك "كامبل" الباحثة البريطانية الاجتماعية في جامعة "دورام" ومؤلفة كتاب "عصابات البنات" تذكر كثيرا من الحوادث، كل ذلك يدعو الى الا نحصر العنف ضد المرأة فقط بل ايا كان نوعه، وان كنا لا نعفي المرأة كذلك لانها قد تكون المتسببة الداعية لهذا العنف.
العنف والتأديب:
العنف والقسوة غير الحزم في التعامل الاسري مع المرأة والاسرة ولا اريد ان اخوض في الحديث عن تأديب الابناء فهذا له حديث يطول، وانما اريد ان اتحدث عن موضوع سنة الشرع للوقوف بحزم عند النزاع الداخلي بين الزوج والزوجة عند ما تنشز الزوجة او عندما يتعسف الزوجي داخل الاسرة ودون علم اهله واهلها حتى يكون حل الخلاف بينهما حرصا على الرابطة الزوجية، ودفعا للشبهة فيما يظنه البعض قسوة على المرأة ويتخذ مطعنا في الاسلام، لكنه الحل الامثل لمشكلة نشوز الزوجة متدرجا من خطوة الى اخرى في العلاج، ولكني ابدا او لا ببيان الحل النهائي اذا زاد الخلاف بينهما واستعصى حل المشكلات داخليا، يقول الله تعالى (وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها ان يريد اصلاحا يوفق الله بينهما) فدعا الاسلام الى حل النزاع باللجوء الى الحكمين من اهلها واهله ليفضوا الخلاف بينهما قبل ان يلجأ الى الطلاق او التفريق، وقبل ذلك دعا الى امر آخر فيه خير للاسرة وحفاظ عليها من الخلل ومن باب سد الذريعة ومنعا لاستشراء الخلاف في الاسرة وبين الزوجين بخاصة، وهو تأديب الزوجة في حال النشوز، قال تعالى (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) اي ان المرأة الصالحة تقية تحفظ بيتها زوجها واسرتها وتحافظ عليهم وترعى حق الزوج والبيت وتقوم بواجبها كما امر الله وهو وان كان واجب الزوج ان يكون كذلك لكن لاهمية المرأة نوة الله بها بان لا يصدر منها النشوز فهو خطر على الاسرة من خطورة الرجل للرجل علاجه الذي بينه الاسلام، قال عليه السلام (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا)، فاذا حدث النشوز فيلجأ الزوج الى نصح الزوج بالحسنى وضرورة ان تحافظ على تماسك الاسرة وعلى رباطها وان طاعة الزوج واجبة الى جانب ان رعايتها واجبة وانه لا يقصر في حقها، فان لم ترجع عن نشوزها لجأ الى الهجران في المضجع ولا يجوز باكثر من ثلاثة ايام لقوله عليه السلام "لا يحل لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث وخيرهما الذي يبدأ بالسلام "فاذا لم يفد الوعظ والهجر في البيت فقد اباح له الله ان يستعمل الضرب الخفيف غير المؤذي لا مبرحا ولا مدمنا واما يكون ذلك للزوجات الشرسات اللواتي لا ينفع معهن نصح ولا يصلح لهن الا هذا، ولا يجوز للرجل ان يلجأ اليه الا اذا لم ينفع النصح والهجر، وليس الرجل مضطرا اليه فله ان يلجأ الى التحكيم فاذا لم ينفع استعمل حقه في الطلاق.
العنف الاسري
ما من شك في أن الأسرة هي الخلية الأساسية في جسم المجتمع الكبير، والمركز الذي يمتد من خلاله المجتمع ليشكل وحدة بشرية مترابطة، يصلح معها إن صلحت وينهار إن هي فسدت.
لهذا، كان لابد من تحصينها وحمايتها ضد كل الظواهر التي من شأنها تهديدها وتفكيكها.
ومن هذه الظواهر التي لوحظ تهديدها لتماسك الأسر، من خلال دراسات ميدانية متخصصة، ظاهرة العنف الأسري التي تختلف تجلياتها بين أسرة وأخرى، من عنف ضد الأصول إلى عنف ضد الأطفال إلى عنف بين الزوجين.
والملاحظ، أن العنف بين الزوجين داخل الأسر يطغى عموما على العلاقات الأسرية، وهو عادة ما ينعكس بشكل مباشر على الأبناء الذين يعايشون عدم الترابط بين الوالدين والعدوان اللفظي والعنف في المعاملة بينهما، فيتولد لديهم بدورهم العدوان وسوء المعاملة التي قد تصل إلى حد الجنوح.
والعنف كظاهرة، لا يمكن إلا أن يتأسس على علاقات قوة بين شخصين على الأقل، بحيث يحاول احد الطرفين بسط نفوذه على الآخر بوسائل العنف والإكراه النفسي والمعنوي، أي انه يعبر عن رغبة شخص ما في ممارسة سلطته وتجسيد إرادته في العلو والقوة والسيطرة على الآخر وإهانته إذا اقتضى الأمر ذلك، من خلال الانتقاص من قيمته والتحرش به إلى أن يخضع ويستسلم.
لذلك، فان اللجوء إلى العنف في العلاقات الشخصية، إضافة إلى انه يعبر عن أزمة في العلاقة وإخفاق في التواصل، فهو يعكس وجود علاقات سيطرة لا تزال تطبع الروابط بين الجنسين عموما، بحيث كثيرا ما يبدو فيها العنف الذكوري داخل الأسرة بمجتمعاتنا وكأنه آلية من آليات الضبط والتحكم في النساء، وان كان هذا لا ينفي طبعا وجود أشكال أخرى من العنف التي تسلطها النساء على مثيلاتهن أو على الأطفال وقلما على الرجال.
وإذا كان العنف الأسري – الزوجي خاصة- في حد ذاته يتخذ طابعا كونيا ويتمظهر بأشكال مختلفة في كل مجتمعات العالم فان حدته تختلف من مجتمع إلى آخر كما تتفاوت أشكال مقاومته ومواجهته.
ومن اجل التصدي لظاهرة العنف الأسري وانعكاساتها السلبية على مكونات الاسرة ولاسيما المرأة، مع ما يترتب عن ذلك من إضعاف لقدرة هذه الأخيرة على المشاركة في جهود التنمية، وعى المشرع المملكةي بضرورة البدء بتطويق العنف الممارس على النساء أساسا، على اعتباره الصورة السائدة للعنف المرتكب في الوسط الاسري.
و على اعتبار القضاء هو المؤسسة القانونية المؤهلة قانونا لتأويل النصوص والسهر على توحيد تفسيرها وحسن تطبيقها كان لابد، من جهة أخرى، من إعداده وتأهيله للانخراط بفعالية لتحقيق الأهداف المرجوة )ثانيا: التدابير التطبيقية للوقاية من العنف الأسري(.
الوقاية من العنف الاسري
ولأجل تقوية حضور القضاء ليكون في مستوى الرسالة المنوطة به في الشأن الأسري، كان لابد من التفكير في تعزيز التخصص في هذا المجال من خلال إحداث أقسام القضاء الأسري
أ- إحداث قضاء للأسرة:
لقد تم التصديق من خادم الحرمنين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على إستحداث قضاء خاص بالأسرة , وللقضاء الأسري طابع خاص لا يكمن في تطبيق القانون وتصريف العدالة فحسب، بل يذهب إلى ابعد من ذلك حيث إن الطابع الإنساني هو هاجس قضاة الأسرة، لان العدل بالنسبة إليهم ليس هو التطبيق الحرفي للقانون فحسب، وإنما استنهاض الهمم لإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف، وتضع حدا للتوتر داخل الأسرة.
ومن هذا المنطلق تم الحرص على إخضاع قضاة الأسرة لتدريبات وتكوينات تؤهلهم لحل مشاكل الأسرة بالشكل الذي يتناسب وحساسية الموضوع الذي يقتضي السرية وسرعة البت في غير عجلة، والاعتماد على البحث الاجتماعي وإعطاء الأهمية للاستماع والاستئناس بالعائلة والتدخل السريع لتصريف وتطويق كل ما من شانه أن يؤدي إلى ما لا يمكن تداركه.
هذا، وتكثيفا للجهود التي بذلت ولازالت تبذل في المملكة من اجل تطويق ظاهرة العنف الأسري -والتي عادة ما يطغى عليها العنف الموجه ضد النساء - ما فتئ التواصل مستمرا بين مختلف الشركاء بالقطاعات الحكومية والجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان والنهوض بأوضاع المرأة على وجه الخصوص من خلال عقد اللقاءات، لتبادل وجهات النظر حول أنجع السبل الكفيلة بلم شتات الأسر أو على الأقل ضمان كرامة وحقوق أفرادها.
والمملكة الآن بصدد دراسة إمكانية إحداث مراكز مختصة لإيواء النساء ضحايا العنف، ومساعدتهن على تجاوز آثار محنتهن، وإيجاد إطار قانوني لهذه المراكز، وكذا توفير أماكن خاصة لاستقبال النساء ضحايا العنف بمراكز الشرطة ، مع العمل على تفعيل آليات الصلح كلما أمكن ذلك قبل اللجوء إلى القضاء الزجري حفاظا على النسيج الأسري، وكذا الاستعانة بالباحثات أو المساعدات الاجتماعيات في هذا الشأن.
على أن القضاء على ظاهرة العنف الأسري، لا يمكن أن يتم في غياب البرامج الإعلامية والتحسيسية، حول حقوق المرأة ومكافحة العنف ضد النساء، بما في ذلك الخطب والوعظ والإرشاد الديني؛ مع العمل على تكوين الفاعلين في مجال مناهضة العنف ضد هذه الشريحة من المجتمع.
الوقاية من العنف الأسري :
ان العنف هو سلوك ، والعنف الاسري يتخذ اشكالا سلوكية متعددة لكنها تتدرج تحت فئتين رئيسيتين : الاولى تشمل الافعال والثانية تشمل الالفاظ الجارحة ، ومن طبيعة العلاقات الاجتماعية انها تتضمن بدرجة او باخرى بعض الاختلافات في التوجيهات والرؤى بسبب الاختلافات الفردية ، فليس هناك شخصان متطابقان تمام التطابق في الخبرات والمكونات الثقافية والاجتماعية .
ولارساء قواعد راسخة لتحليل العنف الاسري وترسيخ الوعي الاجتماعي للوقاية منه ، وعلى ضوء ادبيات علم لاجتماع العائلي يمكن صياغة المعادلة التالية :
العنف الاسري = التكرار + الطريقة + الدرجة + العدد + الشخصيات + الموضوع + الظروف .
التكرار : هو معدل تكرار حدوث العنف خلال فترة زمنية معينة .
الطريقة : هي طريقة التعبير عن العنف ، او الشكل الذي يتخذه العنف .
الدرجة : هي مدى الشدة في التعبير عن العنف .
الشخصيات : يقصد به السياق الذي حدث فيه العنف.
الموضوع : يقصد به المسالة او القضية التي بسببها حدث العنف .
الظروف : يقصد به السياق الذي حدث فيه العنف .
لقد درج العلماء الاجتماعيون على دراسة وتحليل العنف الاسري من جوانب مختلفة ومن المنظور العلمي الحديث ، فان الشخص بامكانة ان يسيطر على سلوكه، وتؤكد ذلك العديد من النظريات المستمدة من عدة دراسات ، فهو يتمتلك العقل والارادة في توجيه سلوكة نحو وجهة معينة.
جوانب الوقاية من العنف الاسري :
ان الوقاية من العنف الاسري يتضمن جانبين اساسيين :
تقليل المواقف الاسرية التي يظهر فيها العنف .
تخفيض درجة التعبير عن العنف .
• وبالنسبة للجانب الاول ، هناك قاعدة متعارف عليها في العلوم الاجتماعية ، وهي ان الصفر المطلق ليس له وجود عند قياس الظواهر الاجتماعية ، هذه القاعدة تتطبق على العنف الاسري والعلاقات الاجتماعية عموما.
كيف يمكن ضبط المكونات المؤدية الى العنف الاسري وبالتالي الوقاية من هذا العنف ؟
ان الوقاية من العنف الاسري تكون من خلال استراتيجيتين متفاعلتين هما :
1. ضبط السلوك .
2. التزام افراد الاسرة بمبدا الحق الواجب.
ضبط السلوك :
عندما نقول ضبط السلوك ، فان المقصود بذلك هو ان يسيطر الشخص على سلوكة ، هذا السلوك يشمل كل الانشطة الظاهرة التي يقوم بها الشخص ، وتسمى الافعال .
ومن المنظور العلمي الحديث ، فان الشخص بامكانه ان يسيطر على سلوكه ، وتؤكد ذلك العديد من النظريات المستمدة من دراسات حديثة .
الالتزام بمبدا الحق الواجب :
انه ضبط السلوك في اتجاه الالتزام بالحقوق والواجبات الاسرية ، فكل فرد من افراد الاسرة عليه واجبات لا بد ان يقوم بها اتجاه بقية الافراد ، كما ان له حقوقا عليهم .
هكذا يتأكد بان العنف الاسري ظاهرة متعددة المكونات ، وللوقاية منه لا بد ان يضبط افراد الاسرة سلوكهم صوب وجهة معينة هي التزام كل منهم بواجباته وحقوقه اتجاه بقية الافراد .
دور الإسلام للحد من العنف الأسري
الاسلام يمنع العنف في الاسرة مع الابوين والاولاد ومع الزوجة والبنات والاخوات وبقية الاقارب من النساء.
اما الاولاد فلا بد من تربيتهم على الخلق الفاضل والاداب الحميدة، واستعمال الرفق في معاملتهم وذلك بما يلي:
ان نكون لهم القدوة في سلوكنا فالطفل يتأثر بوالديه وبمن حوله، وروى عبدالله بن عامر قال: "دعتني امي يوما ورسول الله قاعد في بيتنا فقالت: يا عبد الله تعال حتى اعطيك، فقال لها رسول الله: ما اردت ان تعطيه؟ قالت: تمرا، فقال: اما انك لو لم تعطه شيئا لكتبت عليك كذبة".
المساواة
اي يجب ان يساوي بين اولاده في المعاملة فلا يعطي الذكور ويحرم البنات ولا يفضل ولدا على ولد ، روى البخاري عن النعمان بن بشير "ان اباه اتى به رسول الله عليه السلام فقال: اني نحلت ابني هذا – اي اعطيته – غلاما كان لي، فقال رسول الله: اكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال: اتقوا الله واعدلوا في اولادكم، فرجع ابي فرد تلك الصدقة".
الرحمة
اي العطف والشفقة واللطف واللين معهم، وقد روى ان النبي قبل الحسن والحسين وعنده الاقرع بن حابس التميمي، فقال الاقرع: ان لي عشرة ما قبلت منهم احدا قط، فنظر اليه رسول الله ثم قال: "من لا يرحم لا يرحم".
المداعبة والملاعبة؛ روي ان النبي عليه السلام قال: "تصابوا لصبيانكم"، وروي ان طفلا مات له نغير (عصفور صغير)، فطلب الرسول منه ان يحدثه عن عصفور بقوله: "يا ابا عمير ما فعل النغير!".
تعويد الاولاد على اللعب المفيد والرياضة بممارسة الالعاب المختلفة بحسب اعمارهم وكاللعب بالرمل. وقد شاهد الرسول مرة اطفالا يلعبون بالتراب فقال: "التراب ربيع الصبيان"، وكان يشجعهم على الركض ويقول: "من سبق فله مكافأة مني".
التأديب
والمقصود بالتأديب التربية بالدلالة على الخطأ ومنع وقوع الطفل في الممارسات الخاطئة وذلك بالتوجيه السليم والتعليم والتنبيه عليها، قال: "علموا اولادكم ولا تعنفوا فان المعلم خير من المعنف"، وفي حديث آخر "عليك بالرفق واياك والعنف والفحش"، وقد نبه المربون المسلمون القدامى كابن خلدون وابن سينا والغزالي والقابسي الى ان التربية الحقة لا تلجأ الى التوبيخ والتأديب الا اذا لم ينفع التوجيه الرفيق والتعليم المثمر والتنبيه الهاديء، وينبغي ان يكون التوبيخ بدون تجريح او اهانة او استهزاء فاذا لم ينفع التأديب بهذه الطريقة لتقويم الاعوجاج، لجأ المربي او الابوان الى استعمال العصا اي في حالة اليأس من نجاح اي اسلوب اخر ومن دون عسف او قهر او سخرية حتى لا يؤدي ذلك الى ايذاء الطفل وخوفه وحقده او غرس القسوة في نفسه، قال ابن خلدون: "من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين او المماليك او الخدم سطا به القهر وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها ودعاه الى الكسل، وحمله على الكذب والخبث خوفا من انبساط الايدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة وصارت له خلقا وعادة وفسدت معاني الانانية التي له".
الأخطاء في التربية :
وهنا ننبه على ان العنف في تربية الاولاد في اسرهم من اشد الاخطاء في التربية ومن اكثرها سوءا وابعدها اثرا في حياتهم؛ لانها تؤدي بالاطفال الى الحقد على الناس وكراهية الابوين وزرع الخوف والاحجام والانعزال عن الناس، وإما الى التشرد والهروب من البيت والانحراف والشذوذ في الاخلاق وانتشار الرذيلة والفساد، وهذا من اكبر آفات المجتمع وضياعه، والابوان والمؤدبون في البيت كالطبيب كما يقول الامام الغزالي فلا بد ان يعامل الطفل بما يصلح له متدرجا من النصيحة بالرفق والتوجيه والارشاد ثم بالتوبيخ والتأديب والهجر والا يستعمل الضرب الا للتأديب ويتجنب الايذاء والغضب، ويمنع الاسلام ان يضرب الطفل قبل سن العاشرة اخذا بحديث النبي عليه السلام "مروا اولادكم بالصلاة وهم ابناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم ابناء عشر"، والضرب غير مبرح ولا مؤذي.


التوصيات :
1. على أجهزة الإعلام تقديم برامج تهدف إلى نشر حسن المعاشرة بين الزوجين، وأن تسود المودة والرحمة والترفق بالمرأة ورعايتها وإكرامها، وذلك اتباعاً لهدى الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع أهله. والتوقف عن استخدام العنف والإثارة الجنسية في المادة الإعلامية المقدمة.
2. التأكيد على أن القوامة في إطارها الشورى الصحيح هي المفهوم السوي الأصيل للأسرة بما فيها من التزام بالحقوق والواجبات والموازنة بينهما.
3. التأكيد على حسن اختيار الطرفين على أساس الدين والأخلاق ومراعاة التكافؤ الاجتماعي. مع الرضا التام في الاختيار تبعا لقول الرسول صلى الله عليه وصلى: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن" - رواه البخاري ومسلم- إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.
4. إنشاء مؤسسات ومشروعات وبرامج لتأهيل الشباب والفتيات المقبلين على الزواج وإعادة تأهيل وتوعية الأسر. مع مساعدة الشباب على الزواج، بتوفير المسكن المناسب، والمساعدة المادية له، والقضاء على البطالة.
5. على الأجهزة الحكومية والأحزاب والمؤسسات الأهلية أن تتضافر جهودها للقضاء على الأمية.


الخاتمة :
الحمد لله الذي هدانا إلى هذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا لله و نصلي على خاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد وع لى آله وصحبه أجمعين .
حين يرمي الزوج إلى تطبيع واقع زوجته بالشكل المتناسب مع تطلعاته وأحلامه... حين يشعر بضرورة انسجامها وشعورها بالمسؤولية معه، لا بد له أن يستخدم منهج الرفق واللطف من جهة والحوار والإقناع من جهة أخرى فبذلك يمكن انتزاع القرار الذاتي منها في تحقيق تلك التطلعات وتجسيد تلك الأحلام. وهذا يساهم في بناء صروح الثقة فيما بين الجانبين، ويدفع الزوجة إلى تحقيق سعادة الرجل والبيت بشكل عام برغبة ومحبة. فالعنف في أكثر الحالات لا يحقق النتائج المطلوبة، بل قد ينعكس سلباً على كل واقع الحياة التي تتحول حينها إلى سجن كبير لكلا الجابنين، فيعملان عندها للتحرر منه ولو من خلال تدمير القفص الزوجي وإنهاء دوره.
نرجو أن نكون قد وفقنا في سرد هذا التقرير و الله ولي التوفيق وهو الهادي.




المصادر :
1) طريف شوقي، العنف في الأسرة المصرية، ( التقرير الثاني ) دراسة نفسية استكشافية، القاهرة، المركز القومي للبحوث الجنائية –قسم بحوث المعاملة الجنائية، 2000م.
2) جميل صليبا – المعجم الفلسفي، ج2 –بيروت – دار الكتاب اللبناني -1982-
3) العنف الأسري في ظل العولمة عباس أبو شامة عبد المحمود - محمد الأمين البشرى 1426هـ - 2005م
4) سيد كامل الشربيني – دراسة نفسية مقارنة للاتجاه نحو العنف في الريف والحضر – رسالة ماجستير– قسم علم النفس – كلية الآداب – جامعة عين شمس -1991م








جدول المحتويات
الفصل الأول 1
الخطة الدراسية 1
المقدمة : 1
مشكلة البحث : 2
أهمية البحث : 2
فرضيات البحث : 3
منهج الدراسة : 3
حدود البحث : 4
الفصل الثاني 5
ماهية العنف الأسري 5
الأسرة : 5
تاريخ الأسرة: 6
مهام الأسرة : 6
الأسرة و الفرد : 7
أركان الأسرة: 7
أهمية الأسرة: 8
العنف : 9
العنف الأسري : 10
العنف الأسري في نظر علم الإجتماع 12
الفصل الثالث 13
أسباب وأشكال العنف الأسري 13
العنف الأسري: 13
الأسباب الرئيسية للعنف الأسري 13
أشكال العنف الأسري : 14
أسباب العنف الأسري 17
تنقسم الأسباب إلي ثلاثة أقسام هي : 17
العنف الزوجي 18
العنف ضد الزوج 19
العنف الأسري الموجه ضد الزوج 20
العنف ضد الزوجة 20
صور العنف الذي تمارسه الزوجة 21
العنف الكلامي 22
عنف الأنانية 23
العنف المجتمعي 23
أنماط العنف 24
العنف ضد الأطفال : 25
الشخصية العنيفة : 26
الفصل الرابع 27
المرأة في الاسلام: 27
معاملة الابناء في الإسلام : 29
العنف والتأديب: 32
العنف الاسري 34
الوقاية من العنف الاسري 35
أ- إحداث قضاء للأسرة: 35
الوقاية من العنف الأسري : 37
جوانب الوقاية من العنف الاسري : 38
ضبط السلوك : 38
الالتزام بمبدا الحق الواجب : 39
دور الإسلام للحد من العنف الأسري 39
المساواة 39
الرحمة 40
التأديب 40
الأخطاء في التربية : 41
التوصيات : 42
الخاتمة : 43
المصادر : 44
جدول المحتويات 45






المملكة العربية السعودية
جامعة الملك عبد العزيز
كلية الآداب و العلوم الإنسانية





إعداد
فايز مرزوق السحيمي

الرقم الجامعي
0456263

إشراف
د. علاء سعد النجار



الفصل الدراسي الصيفي
1429-1430هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بالزوار الجدد

الجديد هيلاقي اسمه اول اسم فى القايمه بلون اخضر يضغط عليه كليك ويغيره ويكتب اسم مستعار وكمان يقدر يغير الصورة

اعـــــــز اصحـــــــــاب

شااااااااااااااهد جميع المباريات على قناة الجزيرة

اجمل صور

اجمل صور
شاهد ارق الصور