برامج اصدقاء العاب ابحاث مشكلات دردشه كل ما هو جديدفى عالم الموضه الازياء الجمال

الاثنين، 27 يوليو 2009

القرصنة

مقدمة
مع التطور الهائل الذي شهدته الملاحة الدولية في الوقت الحاضر بفضل الكثير من القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية ، فقد بلغ حرص الدول على حماية المياه الاقليمية للسفن الدولية لما تمثله هذه الحماية من امر مطلوب في تعزيز العلاقات الدولية واحترام قواعد القانون الدولي العام ،هذا التطور لابد ان يقابله بعض الصعوبات التي تشكل تحديات قانونية في النطاق الدولي تضاف الى اجندة المعالجة القانونية للمجتمع الدولي عموما والدول المطلة على البحر خصوصا.
وتعد القرصنة الدولية احد ابرز سمات هذه التحديات التي عالجتها مواد القانون الدولي العام والاتفاقيات الدولية التي عقدتها منظمة الامم المتحدة في هذا المجال باعتبارها صيغ تشريعية دولية تحقق الهدف في محاربة فعل غير قانوني يطلق عليه القرصنة البحرية وهي الاخلال بالتزام قانوني وفق احكام القانون الدولي من خلال الاستيلاء على السفن التي تمر في المياه الدولية .
لكلمة القرصنة ذاتها تاريخ غربي معبر، فمع ظهور ممارسات حملات نهب وسلب تعتمد على قوارب بحرية في عصر الإغريق انتشرت لوصفها كلمات مشتقة من لفظة "Peiran" الإغريقية الأصل، والتي تحمل معاني الجرأة والشجاعة. ولم يختلط هذا المعنى إلا في وقت متأخر مع معنى اللفظة اللاتينية الأصل "Pirates" أي السطو البحري، وتزامن ذلك مع إلحاق الضرر بتجارة الامبراطورية الرومانية، وبقي سائدا في فترة لاحقة، أي مع ظهور قراصنة تدعمهم دولة ضد أساطيل دولة أخرى من الدول الاستعمارية.
وعندما اشتد عنفوان المواجهات البحرية الأوروبية-الإسلامية في حوض البحر الأبيض المتوسط، وأصبح لأهل الشمال الإفريقي دور فاعل فيها استخدم الأوروبيون تعبير (Korsar) ومعنى الكلمة في أصلها اللاتيني لصوص البحر، فأصبحت مرادفة لكلمة القراصنة، ولكنها مخصصة لوصف "العرب والبرابرة والمشردين عن الأندلس وسواهم من البحارة المسلمين تحديدا.
وانعكس التقلب التاريخي الغربي في استخدامات كلمة القرصنة على حسب منطلقات الصراع السياسي والعسكري على كثير ممّا عرفه عالم الإبداع القصصي الأدبي والسينمائي الفني حديثا، فاختلط فيه تصوير "القرصان" بحارا مغامرا جريئا يتحلى بأخلاق كريمة وروح وطنية مخلصة، مع تصويره مقاتلا فظا مفزعا لا تعرف الشفقة إلى قلبه سبيلا. ويوجد منذ حوالي خمسين عاما نوع من الرياضة الشراعية المائية يحمل ممارسها اسم "Korsar" أيضا.








الفصل الأول
تاريخ القرصنة








الفصــــــل الأول
تاريــــــخ القرصنـــــة
القرصنة هي عبارة عن سرقة مرتكبة في البحر ، أو أحياناً على الشاطئ ، من قبل عميل غير مدفوع من أي دولة أو حكومة.
لا أحد يستطيع ذكر عام محدد لميلاد "القرصنة" بغض النظر عن اختلاف الموقف منها، إنما يمكن القول بعدم تأخر ظهورها عن ولادة "ركوب البحر" على متن القوارب والسفن، وأول ما يرصده التاريخ من صور القرصنة كان مع ولادة الامبراطوريات الأوروبية الأولى أو قبيل عصر الإغريق، ولم يتجاوز ذلك استخدام قوارب صغيرة للسطو على قوارب أخرى قريبة من السواحل، أو على بلدات ساحلية صغيرة، أما عمليات السطو على سفن وبواخر في عرض البحر فظهرت في القرن السادس قبل ميلاد المسيح عليه السلام. ولعل أجواء الحروب المتعاقبة، مع شمولها للسطو الفتاك والسطو المضاد في أنحاء القارة الأوروبية في تلك الحقبة، هو ما جعل أسلوب القرصنة البحرية يثير الإعجاب بجرأة من يمارسها أكثر مما يثير السخط عليه، لا سيما وأن "الغنائم" لم تكن كبيرة، رغم ما يروى عن "كنوز القراصنة". ولكن عندما بدأت القرصنة تهدد الطرق التجارية للامبراطورية الرومانية في البحر الأبيض المتوسط، تحركت عسكريا بقوة ضد القراصنة، واستطاعت أن تؤمّن طرق الشحن، لا سيما مع مصر وبلاد الشام أثناء استعمارها الروماني، مع حلول عام 60 قبل الميلاد.
وطوال الحقبة الأوروبية التالية الحافلة بالحروب، وما رافقها من "قرصنة" أوروبية برية، أوسع بما لا يقاس من القرصنة البحرية "غير الرسمية"، انتشرت عمليات القرصنة البحرية "شبه الرسمية" في المياه المحيطة بالقارة الأوروبية، دون أن تصل إلى المحيطات الكبيرة، التي لم يكن الأوروبيون قد مخروا عبابها فيما سمي "اكتشاف العالم الجديد". وكان أشدّ ما عرف من عمليات القرصنة الأوروبية تلك، ما مارسه "الفايكينج - Wikinger" بين القرنين الثامن والحادي عشر بعد الميلاد، وتركز على بحر الشمال وبحر البلطيق والمراكز التجارية القائمة على سواحلهما، ووصلت الهجمات
لا يمكن أن نفصل تاريخ القرصنة الموسومة بالإفريقية عن حركة الغزو والتمسيح التي نسقت (كما يقول طيراس في كتابه تاريخ المغرب) تنسيقا بديعا تحت ظل البابوية وقد أغار الأسبان على شرق البلاد بينما اكتسح البرتغاليون غربها محاولين إقرار حمايتهم على مجموع المغرب ولكن هذه المحاولات ارتطمت بصمود تلقائي عنيف من طرف الشعب المغربي الذي كادت تجرف به لأول مرة في تاريخه حملة الغزاة الأوربيين في كتلة متراصة لصد العدوان فخف المتطوعون من جميع أنحاء البلاد للتجمع من أجل إنقاذ الوطن المهدد، وقد لاحظ (تيراس) أن مجاهدي الجنوب الأقصى للمغرب شوهدوا وراء أسوار (سبتة) متحفزين للوثوب على العدو، فقد كان المغربي متسامحا ولا يزال إزاء الأوروبيين واستوثقت مع أوربا طوال خمسة قرون في جو من التحالف الواثق الهادئ غير أن هذا المساس بسيادته وكيانه وذلك الثلم الأليم لكرامته وحريته أسفرا عن تفتق عهد جديد وسمه الحذر والحيطة بطابع خاص فانقلبت الجماهير المتسامحة المسالمة إلى شعب هائج مس مساسا بليغا في شعوره القومي فانتفض انتفاضة الموثور للذب عن حماه وحداه ذلك الحذر إلى الانطواء على نفسه لا بالنسبة للعالم المسيحي وحده بل حتى بالنسبة للإمبراطورية العثمانية التي اكتسحت منذ القرن السادس عشر الميلادي و الإقليمين الشرقيين للشمال الإفريقي وهما الجزائر وتونس وبعض المراكز الساحلية في المغرب الشرقي والريف. ذلك أن التوسع التركي كان يرمي إلى الاستيلاء في شمال المغرب على بعض المراكز الاستراتيجية التي كانت تركيا ترى من الضروري مراقبتها لتعزيز كفاحها ضد الأسبان غير أن المغرب الذي كان شديد التمسك باستقلاله في خوض كفاح مرير من أجل الدفاع عن كيانه ضد كل المعتدين ولو كانوا من المسلمين، فكفاحه هذا لم يقسم إذن بسمة رسمية عنصرية ولا ملية وإنما كان رد فعل قوي ضد الأجنبي بصفته معتديا وهذه الفترة العصيبة في التاريخ العربي قد وافقت سقوط غرناطة آخر معقل إسلامي في أسبانيا والفتك الذريع الجماعي بعشرات الآلاف من الأندلسيين فاضطر المغرب الذي انتزع منه قسط من ترابه الوطني إلى إيواء المهاجرين الأندلسيين الذين حملوا معهم الحقد وانطوت قلوبهم على ضغينة ضد الأعداء الذين طردوهم من بلادهم. نعم إن المهاجرين الأندلسيين حنقوا أشد الحنق على أسبانيا التي فتكت في ظرف (139) سنة بنحو ثلاثة ملايين من المسلمين واليهود حسب المؤرخ لورانت (Lorente) في تاريخه النقدي للتعذيب بأسبانيا كما أحرقوا (عام 1599) ءالاف المخطوطات العربية حسب رواية المؤرخ بيرسكوت (Perscott) في كتابه حول فرناد وإيزابيلا (ص451) وهكذا انقلب الأندلسيون الذين فقدوا أموالهم وعائلاتهم من جراء الضربات المتوالية التي أنزلتها بهم أسبانيا الصليببية هبوا ليأخذوا الثأر لقتلاهم فاستوطنوا بعض مدن الشمال وكونوا عصابة من القراصنة هاجمت الأساطيل المسيحية في قوة وعنف، فتحولت القرصنة البحرية آنذاك إلى كفاح وطني وقد ابرز المؤرخ الإنجليزي(لينبول) هذا النوع الجديد من الحرب في الكتاب الذي صنفه حول قراصنة إفريقيا وبذلك ارتسمت القرصنة كمرحلة جوهرية في المناورات الحربية في ذلك العصر فاقض القراصنة الأندلسيون مضاجع الغزاة الأسبان الذين كانوا قد استقروا بقسم من الساحل الإفريقي مما حدا الأستاذ (تيراس) إلى القول بأن سيطرة العثمانيين على سواحل الجزائر وتونس كانت نتيجة رد فعل لعائلة من القرصنة ضد الاكتساحات الأسبانية على هاته الشواطئ كما أكد المؤرخ (أندري جوليان) أن تدخل هؤلاء القراصنة العرب هو الذي أدى إلى فشل سياسة أسبانيا الإفريقية كما غير مجرى تاريخ القارة الإفريقية.
ففي عام (1501م) نقل السيد خير الدين المعروف عند الأوربيين بباربروس وهو مسيحي الأصل من جزيرة (ليسوس) اليونانية - مركز عملياته إلى البحر البيض المتوسط بعدما ساعد على إجازة سبعين ألف أندلسي إلى التراب المغربي (راجع لين بول ص59) وبذلك اندرج في سلك عصابة (خير الدين) عدد من المرتزقة للقيام بالقرصنة في مياه المتوسط.
وكانت هناك أوكار أخرى للقراصنة في شواطئ الأطلنكيك لا سيما في مصب أبي رقراق تطور نشاطها مع الأيام حتى أصبح رجالها معروفين بالقراصنة السلاويين.
وقد بدأت القرصنة بعد استقرار (الهورناشيروس) الموتورين بقصبة الرباط فكان الأمير (زيدان) بن المنصور السعدي يحصل على عشر (10/1) الرجال والبضاعة المقرصنة وفي عام 1612 طرد الأسبان قراصنة المعمورة فلجأوا إلى ميناء العدوتين وانضموا إلى القراصنة الأندلسيين(1).
وهنا تضخمت القرصنة فأصبح (الجهاد الأندلسي) يتبلور في شكل قرصنة ملاحية خطيرة منذ (1620م) في كل من المتوسط والمحيط وقد أسر القراصنة (ستة ءالاف) مسيحي في ظرف عشر سنوات (1618-1628) وبلغت حصيلة القرصنة (15) مليون ليرة (دوكاستر م.3 ص116) ارتفعت إلى (25) مليون ثم (26) مليون دوكا (مثقال) فيما بين (1629 و 1639) (دوكاستر - الجمهوريات الثلاث ص13).
وقد اقتنص القراصنة حوالي (1040هـ / 1630) سبعة وأربعين (47) مركبا في ثلاثة موانئ إنجليزية هي (Devon, Dorset, Sonthampton) وأسروا أكثر من ثلاثة ءالاف مواطن إنجليز ي(حذف قسم راجعه حوله وفي عام (1666م) فقدت القرصنة استقلالها وأصبحت العدوتان كسائر الحواضر المغربية مركزا مخزنيا وماكاد يبزع العهد الإسماعيلي (1671م) حتى كان لكل من الرباط وسلا ولي خاص وخضعت القرصنة للسلطان فأصبحت رسالتها الأولى الحيلولة دون تسرب البواخر المسيحية للميناء التي صار أنشط مراسي المغرب بلغ دخله الديواني بمائتي الف ليرة عام (1668م) وقد حد المولى اسماعيل من نشاط القرصنة فقصرها على المتوسط وقلص حصائلها دعما للتجارة الحرة النزيهة مع دول اوربية في طليعتها إنجلترا وهولندا مما أدى إلى تأسيس الصويرة تلافيا للحاجز الرملي في مصب أبي رقراق وفي نفس الوقت شجع المولى محمد بن عبد الله التجار المسيحيين فأعفاهم من بعض واجبات الجمرك عام 1767 وكانت قد بلغت بالرباط وسلا وأسفي (20.000) يياستر و(150000) في الصويرة وبذلك تقلص جانب كبير من نشاط القرصنة التي كان السلطان يحمي دولا أوربية من للوائها حيث تؤدي للمغرب (إتاوات لهذه الغاية ولم يعد هنالك اعتبار لما أضفي على القرصنة من أوصاف الجهاد ضد العدوان الأسباني البرتغالي ضد الأندلسيين المهجرين والمنصرين قسرا ولم يكد المولى سليمان يعتلي العرش حتى جعل حدا نهائيا للقرصنة إلا أن المولى عبد الرحمن بن هشام الذي تكالبت ضده بعض دول أوربا وخاصة فرنسا قام منذ عام 1828 بدعم الجهاد البحري وصد الأساطيل الأجنبية عن المياه المغربية مما أدى إلى نقل مركب شراعي نمساوي إلى ميناء أبي رقراق وقنبلة الأسطول النمساوي للعرائش وأصيلا وتطوان عام 1829 فأعيد المركب إلى النمسا عام 1830 ووقع مثل ذلك عام 1851 بخصوص مركب فرنسي أدى إلى قنبلة المرسى من طرف الأسطول الفرنسي الذي أصابت قذائف بطاريات الرباط بعض بواخره ولم يثبت أن اليهود ساهموا فعلا في الأعمال القرصنية لأنهم كانوا يكرهون المغامرة في عمليات قد تودي بحياتهم ولكنهم كانوا يستفيدون من الصفقات التجارية التي تباع فيها حصائل القرصنة.
وهذا الموقف الصارم من الملوك العلويين ضد القرصنة التي سبق أن حاربها الموحدون في البحر المتوسط بواسطة (ميليشية) ملاحية خاصة في القرن السادس الهجري - راجع إلى أنها أصبحت ضربا من التجارة الإجرامية أو اللصوصية البحرية ساهم فيها الأوربيون وشجعوها كما شارك فيها أعلاج اعتنقوا الإسلام لتغطية إجرامهم (راجع الأجفان الجهادية) وقد رابطت سفنها في مراكز مثل تطوان والعدوتين (الرباط وسلا) نشط فيها أيضا بعض المغاربة من مسلمين ويهود وقد كان لسمويل بالاش اليهودي يخت وسفينة يستغلها للقرصنة في عهد المولى زيدان مما أدى إلى اعتقاله من طرف حكومة لندن عام (1024هـ / 1615) (1).
وعلى أي حال فإن الأعمال التي كان يرتكبها هؤلاء القراصنة أصبحت مع الزمان مثار قلق بالنسبة للمغرب ولم يكن في وسع ملوكنا مواجهة هذه المشاكل لأن المسئولية ترجع في الواقع إلى أوربا التي تحدت السلطات المغربية المشروعة فاعترفت بمن يسمون القراصنة المغاربة طوال قرنين اثنين بوجود قانوني شبه رسمي (كتاب دوكاستر) بل إن بعض الدول الأوربية حالفت هؤلاء القراصنة وشجعتهم ثم شملتهم بعطفها وحمايتها مثل هولندا وإنجلترا فلا يعزب عن أذهان المؤرخين ذلك العمل الغريب الذي قامت به الولايات العامة (أي هولندا) حيث أجبرت بحارة لوبيك (وهي مرسى ألمانية تقع على بعد 515م) على المغامرة القرصنية ومعلوم أن الكاردينال ريشليو Richelieu الذي كان يتقاضى كل سنة من أسلاب القراصنة وخاصة الأفارقة عدة ملايين لفائدته الخاصة كما كتب بذلك عام 1631 في عهد لويس الثالث عشر (حروب لويس الثالث عشر للمؤرخ بيرنار).
وهذا التواطؤ الإجرامي بين أوربا والقراصنة من كل الأجناس الذين اتخذوا مراكز لهم في موانئ المغرب هو الذي حمل مؤتمر (فيينا) منذ عام (1814) على حمل السلطان على منع البحارة المغاربة من السفر إلى أوربا بتهديد الإعدام حيث قرئ كتاب السلطان المولى سليمان عام (1231هـ /1816) بجامع القصبة بالرباط وبذلك منع كل رايس من دخول أي بلد أوربي (تاريخ الضعيف ج2 ص141) وحظر عليهم القرصنة جهادا في البحر ضد الأجناس ونفي بعض القراصنة إلى الإيالات المجاورة مثل الجزائر وطرابلس واحتفظ بالباقي للدفاع المشروع عن الشواطئ المغربية (الاستقصا ج4 ص151) فتوقفت القرصنة ونقلت البواخر المعطلة للمرابطة في ميناء العرائش(2).
وقد اختلفت المصادر في أعداد المراكب القرصنية في ميناء أبي رقراق حيث لاحظ Albert Ruyl (عام 1622) وجود ثلاث عشرة سفينة فقط ذات حمولة خفيفة نظرا للحاجز الرملي ولكن Razilly أوصلها إلى ستين مركبا عام (1662م) (p. 116 (Mémoire de Rasilly à Richelieu وأحصى ريسنسبورغ نحو (40) أو (50) مركبا بينما أوصلها القنصل Henriprat إلى أكثر من (ثلاثين) عام 1631 وكانت البواخر الكبرى تعجز عن مطاردة الأسطول القرصني نظرا للحاجز الرملي barre في مصب أبي رقراق بالإضافة إلى توفر الميناء على بطاريات قوية من المدافع والعتاد وكان الأندلسيون يعملون في هذا المجال بروح الحقد ضد المسيحيين عموما والأسبان خصوصا فكانوا يهاجمون هؤلاء بسهولة نظرا لإتقانهم الأسبانية فكانوا يضعون على بواخرهم طابع المتاجرة ويرفعون الراية الأسبانية خداعا وبذلك كانوا يهاجمون حتى البواخر الفرنسية والإنجليزية فيصلون إلى المياه البريطانية Terre-Neuve بل ينزلون في البر وينقلون الأسرى والغنائم حتى قال (سيرفانطيس) : "كم من رجل شاهد شروق الشمس بأسبانيا ورآها تغرب في المغرب" (1)
وكان بعض قواد القصبة يتعللون بوجوب الدفاع عن حصنهم ضد العدوان الأجنبي فيأخذون حظ الأسد من حصائل القرصنة وقد لاحظ Albert Ruyl أن قائد القصبة حصل هو وكاتبه (Moïse Saint-Jago) عام (1622) علي خمس الغنائم لضمان صيانة القصبة وحمايتها وفي نفس السنة قام علي ابن علي خادم نفس القائد بحجز باخرة كانت ذاهبة من Moscovie إلى Livourne تحتوي على يزيد من (3000) قطعة من الجلد و(152) قنطار من السمك المدخن و(93) من الكافيار و1000 قطعة خشب من برازيلي قيمة الجميع (160.000 فلوران)(2)
بداية الظاهرة في الصومال
بدأت ظاهرة القرصنة منذ انهيار الدولة الصومالية عام ١٩٩١م وسيطرة عصابات أمراء الحرب ومليشياتهم القبلية على أجزاء الصومال المختلفة. ولم يتمكن هؤلاء من ملء الفراغ الذي تركه انهيار الدولة، بل بدأت حرب أهلية مدمرة وفرت فرصة لسفن الصيد الأجنبية لغزو شواطئ الصومال في وقت مبكر لنهب الخيرات الوفيرة في البحر. فساحل الصومال يعد الأطول أفريقيا حيث يقدر بـ ٣٣٠٠ كم ، ويتوفر على ثروة بحرية وفيرة ومتنوعة بما فيها طيور البحر والحيتان وأسماك القرش والعديد من أنواع السلاحف والدلافين.. إلخ، وقد أصبح مرتعا لكل من هب ودب في ظل غياب سلطة الدولة.
ونشأت لدى بعض الشباب رغبة للانتقام فحاولوا مطاردة هذه السفن باستخدام زوارق سريعة وبنادق مما يدافعون بها عن أنفسهم في فوضى الحرب الأهلية. وهنا لجأت الشركات المتسللة إلى تغيير أساليبها في مواجهة هذا التحدي فسعت إلى استصدار تراخيص تمنحهم حق صيد الأسماك على طول الساحل من أمراء الحرب الذين سهلوا المهمة في مقابل ملايين الدولارات التي تمنح لهم من طرف هذه الشركات. فقد كانت كل منطقة تخضع لأمير حرب ومليشياته القبلية، وكانت كل مجموعة تجوب المنطقة التي تخضع لها مدعية أنها تقوم بدور خفر السواحل. وهكذا تمكنت هذه السفن من ممارسة عملها دون خوف من الشباب المحليين. وكانت تجوب البحر تحت حماية مليشيات تابعة لأمراء الحرب المنتفعين وتمنع الشباب المحليين من التعرض لها(1). وإذا حدث أن اقتربت السفن الكبيرة جدا إلى الشواطئ بحيث تحرم قوارب الصيادين المحليين من رزقهم اليومي فإنهم يضطرون عندئذ لمقاومتها، في مقابل ذلك كانت السفن الكبيرة تواجههم بعنف مبالغ فيه بالأسلحة النارية الثقيلة وبخراطيم ضغط المياه لقلب قواربهم الصغيرة.
جرى نهب جواد البحر وسمك القرش والموارد الأخرى. ويقدر ما جرفته هذه السفن من الشواطئ الصومالية ٢٥٠٠٠ طنا سنويا. وكانت الاستفادة متبادلة بين الأساطيل الأجنبية والمليشيات وأمراء الحرب الذين يستصدرون لهم الرخص ولذلك كان الجميع يعمل على عدم عودة الاستقرار للصومال. وشملت شركات الدول المستفيدة فرنسا وأسبانيا والهندوراس واليابان وكينيا وسريلانكا وكوريا وباكستان وتايوان وغيرهم. وكانت السفن تحمل أعلاما لدول غير مشهورة حتى تتجنب أنظمة دولها.
وبعد أن أصيب الشباب بالإحباط بعدما تولت مليشيات أمراء الحرب حماية سفن الصيد، تحولوا إلى السفن التجارية بدل سفن الصيد، وأصبح الهدف بعد ذلك سهلا باستخدام زوارق سريعة مسلحة بمجموعة من الأسلحة. فبعد الاستيلاء على السفينة التجارية وطاقما يطلبون الفدية مقابل إطلاق سراحهم، وقد انضمت إليهم لاحقا مليشيات أمراء الحرب بعد أن رأى رجالها أن هذه الطريقة أسرع في الكسب من العمل لدى أمراء الحرب، وهنا بدأت القرصنة تنحرف عن مسارها لتتعرض للسفن التي تقوم بإيصال المساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي للصوماليين أنفسهم الذين تتعرض حياتهم للتهديد جراء الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية. وهناك تقارير تفيد بأن الخلافات داخل المجموعات أحيانا تؤدي إلى أن تصفي مجموعة واحدة الأخرى(2).

وفي كانون الثاني/يناير ١٩٩٨م استولت مليشيات في شمال شرقي الصومال على سفينة بلغارية مربوطة بأخرى سورية وساعد في التفاوض شيوخ عشائر ورجال أعمال في بوصوصو، شمال شرقي الصومال، وتم الإفراج عن الطاقم والسفينة في فبراير مقابل ١١٠٠٠٠دولارا(3). ومنذ ذلك الحين عرضت إدارة بونت لاند في شمال شرقي الصومال استصدار رخص لسفن الصيد بشرط التزامها بممارسة ما أسمته "عمليات صيد سليمة".
من هم هؤلاء القراصنة؟
بعد التعاون الذي تم بين الشباب في المناطق الساحلية شمال شرقي الصومال وبقايا المليشيات الذين استقلوا عن أمراء الحرب برزت مجموعات قوية تتشكل من ثلاثة عناصر أساسية.
١- المليشيات التي كانت تعمل لدى أمراء الحرب وهم يشكلون القوة العسكرية.
٢- الصيادون المحليون وهم يشكلون الخبرة اللازمة بالبحر.
٣- مجموعة من التقنيين الذين يجيدون التعامل مع الأجهزة المتطورة التي يستخدمها هؤلاء.
وهذه المجموعة الأخيرة هي التي تقوم بالتواصل مع العالم الخارجي والتحدث إلى الطاقم كونها تجيد اللغات الأجنبية.. إلخ. وهناك مصادر تشير إلى أن عددا من قوات الشرطة في بونت لاند وعددا من المدرسين والمحامين تركوا عملهم والتحقوا بالقراصنة. بل إن مجموعات كبيرة من الشبان باتوا يأتون من مختلف أنحاء الصومال بما فيها العاصمة مقديشو ليجدوا لهم موضع قدم في سوق القرصنة المربح. وهناك تقارير إخبارية تشير إلى انضمام بعض الصيادين اليمنيين إلى القراصنة الصوماليين، ولكن الصورة لم تتضح بما يكفي في هذا الجانب بعد(2).
كيف تتم العملية؟
يتم احتجاز كل السفن المختطفة في مناطق مثل "أيل" و"غرعدي" في "بونت لاند" أو منطقتي "حرطيري "و"هبيو" الخاضعتين لقبيلة الهوية. ويملك القراصنة عددا من "السفن الأم" حيث يخزنون الأسلحة والوقود والإمدادات الأخرى على متنها. وعندما يجدون صيدهم الثمين من السفن الكبيرة فإنهم ينطلقون إليها بقوارب سريعة مجهزة بأسلحة ورجال يحملون بنادقAW47 ويتسلقون على متنها مستخدمين سلالم حبالية مفتولة حيث يصعدون بها إلى متن السفن الكبيرة. وتقول مصادر استخباراتية إن هناك ثلاث سفن صيد في خليج عدن يعتقد أنها تابعة للقراصنة.
ويمكن استخدام ثلاثة زوارق سريعة في الهجوم الواحد، يحمل كل واحد منها ما بين ستة إلى عشرة رجال مسلحين ببنادق AW47الهجومية وأحيانا قذائف صاروخية. أما الأسلحة فهم لا يستخدمون أسلحة غير متوفرة في الصومال بل كل البنادق والقذائف الصاروخية التي بحوزتهم فهي مما يتوفر في الصومال وربما يتم تهريب بعضها من اليمن.
حياة القراصنة
يعيش القراصنة حياة تشبه حياة الملوك يسيل لها لعاب الكثير، وهي ناتجة عن مبالغ الفدية التي تدفع لهم فتنعكس على حياتهم ترفا وأبهة. فهم يسكنون الأحياء الراقية في مدينتي "جروي" و"غالكعيو" بولاية "بونت لاند"، و"حرطيري" و"أيل" وأصبحت حياتهم مثار إعجاب الفتيات مما جعل كل فتاة تحلم أن يطير بها قرصان ليتزوجها. فيلات مريحة وسيارات دفع رباعي ويمتلكون أغلى الجوالات وهواتف تعمل بواسطة القمر الصناعي وحواسيب محمولة. ويتزوجون أكثر من زوجة ويقيمون حفلات زواج فاخرة بشكل مذهل. فأموال الفديات تبلغ الملايين من الدولارات(1).
وبرغم الأموال الكثيرة التي يجنيها القراصنة فإن إنفاقهم غالبا لا يتجاوز شراء المنازل والسيارات الفاخرة وتعاطي نبتة القات المخدرة(2). كما أنهم وجدوا الطريقة التي يمكن من خلالها تبييض أموال نشاطاتهم تلك من دون أن يتركوا أثرا، كما هو الحال في بعض حالات غسيل الأموال، وهي ببساطة إبقاؤها داخل بلادهم(3). ويترك بعضهم عمل القرصنة ليطهر أمواله بالانخراط في العمل التجاري المحض كأن ينشئوا فنادق في بعض المدن في بونتلاند أو يقوموا باستيراد البضائع. وفي بعض الأحيان تغري هذه العملية بعض الفقراء ليمتهنوا القرصنة مدة حتى يثروا ثم يتحولون إلى تجارة أخرى.
ويشكل الهدف المشترك أهم علاقة بين القراصنة رغم انتماءاتهم القبلية المختلفة، فأكثرهم ينتمي إلى قبيلة المجرتين الغالبة على شمال شرقي الصومال وبعضهم إلى قبيلة الهوية في وسط وجنوب الصومال. ولديهم ما يمكن تسميته "قواعد أخلاقية" في التعامل، ومنها ألا تشاع الفوضى برا، وأن لا يعتدى على أية رهينة، ولا يستولى على ممتلكاته، وفي حال خالف أحدهم ذلك يدفع غرامة كبيرة من نصيبه في الفدية.
ولا ينظر القراصنة إلى عملهم كجريمة ولا يحزهم وخز ضمير حين يروون قصصهم بل يؤكد أحدهم "أنها مجرد عمل بالنسبة لنا. فنحن ننظر إليها كما ينظر أى امرئ إلى مهنته." فهم يجوبون المحيط لمطاردة السفن والاستيلاء عليها ويقولون "إننا ندافع عن مياهنا من الأجانب الذين يرمون النفايات فيها."
الأهداف
لم يعلن ولو لمرة واحدة عن هدف سياسي للخاطفين ما عدا الفدية التي يعلنونها والمساومة عليها. وبعضهم يحاول تبرير فعلهم بكونهم يقومون بدور خفر السواحل تطوعا لحماية مياه الصومال من الصيد المحرم ورمي النفايات وأن الفديات التي يطلبونها تعتبر غرامة على من ينتهك هذه المياه، وتصبح بالتالي عائدا حلالا لهم. ولكن بالنظر إلى السفن المستهدفة في الآونة الأخيرة يبدو واضحا أن مثل هذا القول هو طريق لإيجاد تبرير ما حتى لا ينظر إليهم كمجرمين. هذا على الأقل هو الظاهر ممن يقومون بالعملية ولكن قد تكون هناك أهداف سياسية لمن يدفعونهم أو يسهلون لهم العمليات – إذا كان هناك من يقوم بذلك – وهذا ما لم يتضح بعد رغم وجود شكوك كبيرة.
هناك محاولات لربط القرصنة وجماعات القرصنة بالمقاومة الشرسة للاحتلال الأثيوبي والحكومة الانتقالية التي جاءت بها. وتشير الكثير من الكتابات الصحفية الغربية إلى ربط موضوع القرصنة بالمقاومة والإشارة إلى أن القراصنة يدفعون أموالهم إلى المقاومة أو أنهم مرتبطون عضويا بهم. ولكن هذا لا يثبت إذا أخضعنا الادعاء إلى التفسير المنطقي للأشياء بسبب:
١- أن القرصنة حسبما رأينا لها تاريخ طويل أما المقاومة فقد بدأت فقط بعد احتلال القوات الأثيوبية للبلاد في بداية عام ٢٠٠٧م
2- أن الخلفية التي جاءت منها القرصنة حسبما أوضحناه سابقا والمتفق عليها لدى معظم الدارسين لموضوع القرصنة في الصومال، لا تتفق مع روح المقاومة الإسلامية وخلفياتها. بل يمكن اعتبارهما يقفان على طرفي نقيض.
3- أن القراصنة يعلنون مرارا أنه لا صلة لهم بأي طرف سياسي داخل الصومال. وليس معنى ذلك أن بعض الأطراف السياسية لا تستفيد من وجود القرصنة ولو بطريق غير مباشر.
4- إن المقاومة بكل أطيافها أعلنت شن حرب على القرصنة مرارا، وآخرها الأنباء الأخيرة التي أشارت إلى أن حركة الشباب المجاهدين سيقومون بهجوم على القراصنة لإجبارهم على تحرير السفن والرهائن.
5- لو كان للقراصنة صلة بالمقاومة لكان المستفيد الأول منها الشعب الصومالي ولأنزلوا الأسلحة التي يستولون عليها وسلموها للمقاومة لكي تحارب بها الاحتلال الأثيوبي، وهي أسلحة تكفي ليس فقط لدحر الاحتلال بل لتحرير بقية أجزاء الصومال.
6- معظم السفن التي يسيطر عليها القراصنة تحمل بضائع كثيرة وسلعا ومواد غذائية ولو كان لهم صلة بالمقاومة التي تعمل على تحرير الشعب الذي يتضور جوعا لقامت بإنزال الشحنات وتوزيعها على الفقراء في كل مكان.
ولكن البحث عن صلة بين المقاومة والقرصنة تهدف إلى تشويه صورة المقاومة أولا، ثم تحميلها مسؤولية الإضرار بالأمن في ممرات البحر الأحمر والمحيط الهندي حتى يسهل تبرير توجيه الضربات إليها دون أن تحرج أحدا.
ويشير أحد المفاوضين مع القراصنة – وهو يتعامل معهم منذ سنين من مقره في ممباسا بكينيا- إلى أن عصابات تتعاون مع أمراء الإجرام ونيروبي تقوم برصد طرق الملاحة لأهداف الربح ثم تمرر المعلومات حول اتجاهات السفن إلى ما يصل إلى خمسة من عصابات القراصنة الذين يدفعون "رسوم الترخيص" لأمراء الحرب أو شيوخ العشائر.
ولكن بالمقابل هناك إشارات من عدد من الباحثين العرب والخبراء الأمنيين إلى وجود صلة ما لإسرائيل أو لدوائر غربية بالقراصنة لم تثبت حتى الآن بالرغم من أنها قد تكون المستفيد الأول منها. فقد اتهم صلاح الدين نبوي، الخبير الأمني المصري والمتخصص في شؤون الملاحة البحرية الولايات المتحدة و"إسرائيل" بالوقوف وراء عمليات القرصنة في البحر الأحمر(1). كما يشير بعضهم إلى وجود دعم استخباراتي وتكنولوجي من قبل إسرائيل وبعض الأطراف الأخرى. ولكن كل هذا لم يثبت بأدلة قاطعة إلى حد الآن.






الفصل الثاني
الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر






الفصــــل الثانــــي
الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر
يتميز البحر الأحمر بموقعه كممر مائي يربط بين العديد من القارات وهو بذلك يختصر الوقت والمسافات والكلفة المالية مما يجعله يتمتع بالعديد من المميزات الإستراتيجية أهمها:
1. يعتبر البحر الأحمر قناة وصل بين البحار والمحيطات المفتوحة، ومن هنا تزيد أهميته الإستراتيجية سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية أو الأمنية.(1).
2. البحر الأحمر هو الطريق الرئيسي الذي يمر من خلاله نفط الخليج العربي وإيران إلى الأسواق العالمية في أوروبا(2). وتحتاج أوروبا إلى نقل حوالي 60% من احتياجاتها للطاقة عبر البحر الأحمر(1)، وأيضاً نقل حوالي 25% من احتياجات الولايات المتحدة الأمريكية من النفط العربي.
3. البحر الأحمر هو أحد الممرات الرئيسية للملاحة والتجارة الدولية بين أوروبا وآسيا. وتقدر نسبة السفن التجارية العابرة للبحر الأحمر سنويا بأكثر من عشرين ألف سفينة.
4. للبحر الأحمر أهمية كبرى للأمن العربي سعلى المستوى القطري للدول العربية المطلة عليه، وأيضا للأمن العالمي، وأمن الدول الإفريقية، وهذه الدوائر الأمنية متصلة ومتداخلة ومركز ثقلها الإستراتيجي هو القرن الإفريقي وما يجاوره من مناطق، وإذا كان القرن الإفريقي هو المركز الحيوي لدوائر الأمن المختلفة فإن باب المندب وخليج عدن يصبحان البؤرة التي تتركز عندها الأهمية القصوى لأمن جميع الأطراف.
5. تقع ثروات قاع البحر الأحمر وباطنه في نطاق المنطقة الاقتصادية الخالصة للدول المطلة عليه إذ لا يزيد عرض البحر الأحمر عن 402 كيلو متر، لذا فمن حق هذه الدول وغالبتها دول عربية أن تكون لها السيادة الدائمة على الموارد البيولوجية والمعدنية في البحر(2).
يُعتبر أمن البحر الأحمر مسألة حيوية وبالغة الأهمية للأمن العربي، بحكم الموقع الجغرافي - السياسي الحيوي لهذا البحر في قلب العالم العربي، وكذلك لكون أغلب الدول المطلَّة على هذا البحر دولاً عربية، علاوة على أن البحر الأحمر يعتبر محل اهتمام كبير من منظور الأمن القومي العربي في ظلِّ التهديدات الناجمة عن ممارسات إسرائيل، سواء المتمثلة في محاولتها تنفيذ سياسات الإحاطة والتطويق ضد الدول العربية المطلَّة على البحر الأحمر، ولا سيما مصر والسودان، أو في ظل حرص إسرائيل على تطوير ونشر قطع بحرية متطورة في البحر الأحمر من أجل تهديد الدول العربية. وفي الوقت نفسه، يستحوذ البحر الأحمر على مكانة هامة في إستراتيجيات القوى الدولية الكبرى؛ نظرًا لأهميته الكبرى كممر ملاحي حيوي بين البحر المتوسط والمحيط الهندي، وكذلك لوجوده في موقع وسيط بين أكبر مناطق إنتاج النفط في العالم.
وقد برزت هذه الأهمية بعد حادثة السفينة "كارين إي" التي اعترضتها القوات الإسرائيلية في المياه الدولية، على بعد 500 كيلومتر من فلسطين، واختطفتها، في 3-1-2002م، وعكست إلى أي مدى أصبحت إسرائيل تنتهك سيادة الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، ولا تحفل بقواعد القانون الدولي.
يتمتع البحر الأحمر بموقع إستراتيجي بالغ الأهمية، من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية والإستراتيجية، حيث يقع البحر الأحمر في موقع متوسط بين القارات. فهو همزة الوصل بين آسيا وأفريقيا، كما يتمتع بموقعه الوسيط بين أكبر مناطق إنتاج النفط في العالم، علاوة على كونه يقع في موقع وسيط بين البحر المتوسط والمحيط الهندي، كما يتميز بموقعه الانتقالي بين العروض المناخية المختلفة.
وترجع أهمية البحر الأحمر إلى كونه طريق الاتصال البحري الوحيد الذي يصل بين معبرين مائيين بالغي الأهمية: هما قناة السويس في الشمال، ومضيق عدن في الجنوب. ويشبه بعض المحللين البحر الأحمر بأنه يبدو كما لو كان جسرًا عائمًا يمتد بانحراف بين الشمال الغربي، حيث قناة السويس والبحر المتوسط، والجنوب الشرقي حيث يوجد مضيق عدن (باب المندب) والمحيط الهندي، بحيث يربط بينهما كأقصر وأسرع طريق بين الشرق والغرب عمومًا، وبين المحيط الهندي والبحر المتوسط خصوصًا. ويكتسب البحر الأحمر أهمية إضافية من كونه منطقة تماس مع منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية ذات الأهمية الحيوية لصادرات النفط العالمية، بل إن بعض المحللين يذهبون إلى أن منطقة الخليج ومنطقة البحر الأحمر تعتبر منطقة إستراتيجية واحدة.
ويتسم البحر الأحمر عمومًا بأنه ضيق بصورة ملحوظة، حيث لا يزيد عرضه في المتوسط عن 190 ميلاً، وفي أوسع أجزائه لا يزيد عن 240 ميلاً، وذلك في المنتصف، في حين يضيق حوضه كلما اتجهنا نحو الشمال أو الجنوب، ثم يزداد ضغط اليابس على المياه إلى حد الاختناق عند الأطراف. ففي الشمال، يمتد البحر الأحمر عبر خليجين طويلين ضيقين هما: خليج العقبة، وخليج السويس. وتوجد في هذين الخليجين نقطتا اختناق هما مضيقي تيران وجوبال المتحكمين في الملاحة عبر الخليجين، كما تعتبر قناة السويس أيضًا واحدة من نقاط الاختناق الرئيسية التي تؤثر على الملاحة عبر البحر الأحمر. وفي الجنوب، يتقارب ساحلا البحر الأحمر حتى يكادا يلتقيان قرب ساحل عدن، وهو ما يحدّ من المجرى الملاحي.
ويتحكم مضيق جوبال في مدخل خليج السويس، الذي يُعَدّ الذراع الشمالية الغربية للبحر الأحمر، وهو ينحصر بين رأس محمد في طرف سيناء الجنوبي وجزر جوبال وشدوان الصخرية الجرداء. وتصلح جزر المضيق لإقامة قواعد عسكرية صغيرة يمكنها التحكم في طريق الملاحة عبر الخليج إلى قناة السويس. أما مضيق تيران، فهو يقع عند مدخل خليج العقبة، وهو يتحكم في الملاحة عبر مدخل الخليج، والذي يتحكم فيه جزر تيران، وصنابير، وشرشرة. وقد جرى استخدام هذا المضيق خلال العصور المختلفة كطريق لنقل التجارة والحجاج بين السويس والجزيرة العربية والشام. أما مضيق عدن، فهو يقع في جنوب البحر الأحمر بالقرب من ميناء عدن، وتتحكم في مدخله جزيرة بريم التي تبلغ مساحتها نحو 5 أميال مربعة.
وعلى الرغم من أن البحر الأحمر يعاني من عدد من الخصائص السلبية التي تقلِّل من كفاءته كطريق ملاحي، مثل ارتفاع الحرارة، وشدة الجذب، وانتشار الشعب المرجانية، وعدم انتظام العمق، وقلَّة المواني الطبيعية العميقة التي تخدم هذا المجرى المائي، فإن هذه الخصائص السلبية لا تقلل من أهمية وحيوية هذا المجرى المائي كواحد من أهم طرق الملاحة البحرية العالمية، ولكنها تدفع فقط إلى الحذر الشديد في الملاحة من أجل تخير الأعماق المناسبة وتفادي العقوبات التضاريسية.
الإستراتيجيات الدولية
يُعتبر البحر الأحمر ساحة لممارسة النفوذ والوجود العسكري من جانب القوى الدولية الكبرى. ويندرج الوجود العسكري الأجنبي في البحر الأحمر في إطار إستراتيجيات كبرى لهذه القوى الدولية، ولا سيما كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، علاوة على الاتحاد السوفيتي السابق أثناء الحرب الباردة، حيث يرتبط هذا الوجود العسكري بالإستراتيجيات التي تتبناها تلك القوى تجاه مناطق الشرق الأوسط، والخليج العربي، والبحر المتوسط، والبحر الأحمر ككل.
وقد وضعت الولايات المتحدة لنفسها على الدوام عددًا من الأهداف الإستراتيجية الثابتة في البحر الأحمر، تتمثل في العمل على تأمين استمرار النفط من الدول المنتجة في الخليج العربي، وتأمين طرق الملاحة العالمية بالمنطقة لصالح الغرب، والحفاظ على أمن إسرائيل، ومساندة الدول الصديقة في المنطقة، وتحقيق المصالح الاقتصادية المرتبطة بالاستفادة من الثروات المعدنية في دول المنطقة. وخلال فترة الحرب الباردة، حرصت الولايات المتحدة على منع الاتحاد السوفيتي السابق من التغلغل إلى المنطقة، ومنعه من الانتشار والامتداد إلى مناطق أخرى.
وفي فترة ما بعد الحرب الباردة، استمر الاهتمام الأمريكي بتلك المنطقة لتحقيق معظم هذه الأهداف، علاوة على أن الولايات المتحدة كانت تحتاج بحكم كونها القوة الكبرى الوحيدة إلى الاحتفاظ بوجود عسكري دائم في المناطق الحيوية في العالم، ومن بينها البحر الأحمر. كما استفادت الولايات المتحدة من تلك المنطقة في نشر قطعها البحرية للمشاركة في حرب الخليج عام 1991م.
الأمن العربي
ينطوي البحر الأحمر على أهمية كبرى للأمن العربي، حيث كان هذا البحر بمثابة بحيرة عربية لفترة طويلة من الزمن. وتتمثل أهمية البحر الأحمر للأمن العربي في كونه يقع في مركز الكتلة العربية وقلبها من الناحية الجغرافية - السياسية، وتمثل السواحل العربية حوالي 90% من إجمالي سواحل البحر الأحمر. فأغلبية الدول التي تطل على البحر الأحمر هي دول عربية، وهي: مصر، والأردن، والسعودية، واليمن، والصومال، وجيبوتي، والسودان، كما أن العنصر العربي يمثِّل الأغلبية من سكان إريتريا، وليس هناك دولة غير عربية على البحر الأحمر غير إسرائيل.
وتعتبر إسرائيل مصدر التهديد الرئيسي للأمن القومي العربي في البحر الأحمر، حيث تطوَّرت الإستراتيجية البحرية الإسرائيلية من مجرد العمل على فتح طريق آمن لتجارتها الخارجية عبر مياه البحر الأحمر، إلى العمل على صنع مجال للنفوذ الحيوي الإسرائيلي، سعيًا إلى تقوية مركزها كقوة إقليمية في الشرق الأوسط، وتهديد العمق الإستراتيجي الجنوبي لكل من مصر والسودان، علاوة على العمل على تحدي الوجود العسكري البحري للدول العربية عمومًا، ولمصر خصوصًا، في البحر الأحمر، ولا سيما بعد أن عانت إسرائيل من الحصار الذي قامت به البحرية المصرية ضد إسرائيل في البحر الأحمر أثناء حرب أكتوبر 1973م، حيث نجحت مصر في إغلاق مضيق عدن، ومحاصرة إسرائيل، ومنعها من تشغيل موانيها الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، طوَّرت إسرائيل إستراتيجيتها الأمنية في منطقة البحر الأحمر، وعملت على تحقيق نوع من التوازن والتفوق العسكري في المجال الحيوي.
وفي الوقت نفسه، سعت إسرائيل إلى تطوير قدراتها البحرية، حتى تكون قادرة على ممارسة التهديد البحري ضد الدول العربية. وعلى الرغم من أن البحرية الإسرائيلية كانت تعاني من الضعف وقلَّة الفاعلية في مواجهة القوات البحرية العربية في منطقة البحر الأحمر، ولا سيما البحرية المصرية، فإن إسرائيل سعت منذ أواخر السبعينيات إلى تطوير قدراتها البحرية بصورة فاعلة، ومجابهة التطورات الحادثة في البحريات العربية، وتمكين إسرائيل من امتلاك قدرة أكبر على ممارسة التهديد البحري ضد الدول العربية في البحر الأحمر، وأيضًا البحر المتوسط، وذلك من خلال تطوير نوعيات أكثر تطورًا من زوارق الهجوم الصاروخية طراز (ساعر) و(ريشيف)، وتطوير الصواريخ البحرية (جابرييل) لتكون متعددة الاستخدام.
وفي مواجهة هذه التهديدات الإسرائيلية والدولية لأمن البحر الأحمر، هناك إدراك عربي واسع بأن هذه التهديدات تعتبر أكبر من قدرة أي دولة عربية منفردة على مواجهتها.
هناك العديد من الدعوات العربية المطروحة لإقامة آلية للتنسيق والتعاون بين الدول العربية المطلة على البحر الأحمر من أجل الحفاظ على المصالح الحيوية المشتركة لهذه الدول، ومواجهة التهديدات التي تتعرض لها، ولا سيما التهديدات الإسرائيلية، فإن أيًّا من هذه الأفكار لم تدخل إلى حيز التنفيذ، ما تمثله من أهمية فائقة لحماية المصالح العربية في البحر الأحمر.








الفصل الثالث
ازدهار القرصنة وازديادها



الفصــــل الثالــــث
ازدهار القرصنة وازديادها
أوّل تقنين دولي لاعتبار القرصنة مخالفة للقانون الدولي مع إعلان مكافحتها كان عبر وثيقة دولية هي اتفاقية الأمم المتحدة حول البحار يوم 29/4/1958م، وجرى تأكيد هذه الخطوة في اتفاقية الحقوق البحرية للأمم المتحدة في 10/12/1982م.
ولكن لم يتقرر اعتبار القرصنة عملا عسكريا يستدعي إعلان الحرب عليها إلا في حزيران/ يونيو عام 2008م عن طريق الأمم المتحدة، وهو ما كان تمهيدا للقيام بعمليات عسكرية في خليج عدن والبحر العربي كالتي قرر فتحَ الباب أمامها مجلسُ الأمن الدولي في كانون أول/ ديسمبر 2008م، مع إعطاء "الصبغة القانونية الدولية" لانتهاك السيادة الصومالية على المياه الإقليمية، وتلاقت على تنفيذ ذلك الوحدات العسكرية البحرية الأوروبية والأمريكية والروسية والهندية وغيرها.
المادة 101 من اتفاقية 1958م تقول بإيجاز، إن القرصنة هي كل عمل غير قانوني من جانب باخرة أو طائرة خاصة، يستهدف لأغراض خاصة باخرة أو طائرة أو أشخاصا أو حمولة عليها، إذا وقع في منطقة لا تشملها سيادة إحدى الدول، أو كان عملا تحريضيا على ذلك. ولا يشمل هذا النص أعمالا مماثلة إذا كانت بتكليف دولة من الدول أو داخل مجالاتها الإقليمية، فهنا يسري وصف العمل العدواني بشروط، وفق المادة 39 لميثاق الأمم المتحدة.
وحجم ما يوصف بالقرصنة الصومالية يطرح التساؤل عن أسباب تخصيصها بإعلان الحرب، ففي عام 2000م سجلت عمليات القرصنة في أنحاء العالم رقما قياسيا، لا يزال ساري المفعول، وهو 469 عملية، وشهدت الأعوام التالية مئات العمليات سنويا أيضا، ويُقدّر حجم الأضرار المادية بسببها بحوالي 16 مليار دولار خلال عام 2006م فقط، والذي شهد 239 عملية قرصنة.
أما في عام 2008م، فقد شهدت الشهور التسعة الأولى منه 270 عملية، كان منها 84 في منطقة خليج عدن، تليها 51 عملية على سواحل غرب إفريقية، وتوزعت العمليات الأخرى من أقصى المشرق الآسيوي عند سواحل الفيليبين إلى أقصى المغرب الأمريكي عند سواحل كولومبيا وإكوادور والبيرو. ولكن أنظار العالم مشدودة إلى "القرصنة الصومالية" بالذات، فهي تهدد مضيق باب المندب الذي يعتبر من أهم المضائق البحرية للملاحة العالمية، إضافة إلى قربه من أهم مصادر النفط في العالم، علاوة على أن القرن الإفريقي كان وما يزال ساحة أولى من ساحات صراع استعماري دولي.
وممارسة القرصنة في خليج عدن اختلفت عنها في مناطق أخرى من العالم حديثا بأن معظم عمليات القرصنة عالميا تتركز على ثروات وبضائع تحملها بواخر الشحن، بينما أقدم القراصنة قرب السواحل الصومالية على اختطاف البواخر نفسها، واحتجاز أطقمها، والمطالبة بفدية مالية لإطلاق سراحهم.
التداعيات الأمنية والإستراتيجية على الدول ذات العلاقة
تشكل أعمال القرصنة الإجرامية المتزايدة في الآونة الأخيرة والمنتشرة قبالة سواحل الصومال وفي المياه الدولية للبحر الأحمر وأمام خليج عدن ضد السفن التجارية المارة حالة من الإرباك والتداعيات الخطيرة على سلامة وأمن البحر الأحمر وعلى استمراره كممر مائي آمن للتجارة، وأيضاً على المصالح الإستراتيجية للدول المطلة عليه أو تلك التي تعتمد عليه بشكل رئيسي في تجارتها الدولية، خاصة وأن حالات القرصنة واختطاف السفن خلال العام 2008 بلغت أكثر من 90 حالة اختطاف طلباً لفدية مالية بحسب تقرير مكتب الملاحة الدولي ومقره لندن. وهو ما دفع العديد من شركات النقل البحري العالمية للإعلان عن تغيير خط سيرها الملاحي وتحويله إلى طريق رأس الرجاء الصالح برغم تضاعف التكلفة حيث اعتبر مكتب النقل البحري أن منطقة البحر الأحمر وخاصة قبالة السواحل الصومالية وخليج عدن من أخطر الممرات المائية في العالم مما رفع من قيمة التأمين على السفن المتجهة إليه.
وتتمثل خطورة القرصنة على البحر الأحمر وممراته في التالي:
• إمكانية تحول طرق التجارة الدولية والنقل البحري عنه مما يضعف من مدخولات الدول المطلة عليه اقتصاديا.
• أن يتحول البحر الأحمر إلى بؤرة للصراعات والحروب والتدخلات الإقليمية والدولية النشطة وجماعات الإرهاب الدولي ومافيا المخدرات.
• أن يتم تدويل البحر الأحمر وممراته مما يفقد الدول العربية السيادة عليه والحصول على الثروات التي يحتويها.
• أن تكون إسرائيل اللاعبَ الأساسي في رسم إستراتيجيته الأمنية والاقتصادية وفق مصالحها وحلفائها في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد بعيداً عن المصالح العربية.
تداعيات القرصنة على اليمن
اليمن هي من أوائل الدول العربية التي نبهت إلى خطورة الأوضاع في البحر الأحمر ودعت في منتصف سبعينيات القرن الماضي إلى عقد مؤتمر في مدينة تعز 1977 للدول العربية المتشاطئة على جانبيه بهدف تنسيق السياسات الأمنية والإستراتيجية، والمصالح العربية، وأيضاً بهدف تعريب أمن البحر الأحمر باعتباره بحراً عربياً نظراً لأن معظم الدول المطلة عليه دول عربية، ولكن نتيجة لتصادم مصالح الدول الكبرى وإسرائيل خلال مرحلة الحرب الباردة تم إجهاض المشروع اليمني.
تداعيات القرصنة على مصر
إن مصر من أهم الدول المطلة على البحر الأحمر والمتحكمة في منفذه الشمالي عبر قناة السويس، وهي الدولة الأكثر استفادة اقتصادياً منه في دعم اقتصادها من خلال تحصيل الرسوم من السفن المارة في قناة السويس والذي يفوق دخلها منها 4.6 مليار دولار سنوياً على دخلها من البترول، كما أن البحر الأحمر يعني الكثير لمصر في علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الدول المطلة عليه سواء العربية أو الأفريقية.
تداعيات القرصنة على السعودية
المملكة العربية السعودية هي إحدى الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، والذي يعتبر بالنسبة لها أحد الشرايين الهامة البديلة لتصدير منتجاتها بعيداً عن موانئ التصدير الواقعة على الخليج العربي في ظل المتغيرات والظروف الدولية الراهنة أبدى كثير من المثقفين السعوديين تخوفهم على أمن المملكة واقتصادها واستثماراتها من تطور عمليات القرصنة في البحر الأحمر. وأشار هؤلاء إلى أن نفط المملكة المصدر عبر البحر الأحمر ومشاريع تحلية المياه ومستلزمات عملية التنمية التي يتم استيرادها عبر موانئ المملكة على البحر الأحمر مهددة، وطالبوا الرياض بضرورة دعوة الدول المطلة على البحر الأحمر إلى عقد اجتماع لوضع إطار للتعاون الإستراتيجي المشترك(1).








الخاتمة
الاقتصاد والأمن والمصير المشترك، والتي قد يضيعها ضيق أفق بعض الأنظمة وعدم قدرتها على التبصر واستيعاب الأخطار الجادة المحدقة بكل أركان النظام العربي، خاصة وأن أكبر أزمة يمر بها العمل العربي المشترك هي عدم إدراكه للمتغيرات الإستراتيجية التي تدور من حوله، وإن هو أدركها فإنه لا يتعامل معها بالجدية التي تستحقها(1).
ويمكن للنظام العربي العمل لمعالجة ظاهرة القرصنة ومواجهة تهديداتها لمصالحه على النحو التالي:
1. وضع إستراتيجية أمنية عربية شاملة لتأمين البحر الأحمر وحماية حرية الملاحة الآمنة فيه لكافة دول العالم.
2. تشكيل قوة بحرية عربية مشتركة للدول المطلة على البحر الأحمر تعمل وفق اتفاقية الدفاع العربي المشترك وتحت مظلة جامعة الدول العربية.
3. ضرورة تقديم الدعم والمساعدة للصومال مالياً وسياسياً لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على نشر الاستقرار والأمن وفرض النظام على كامل ترابه ومياهه الإقليمية.
4. ضرورة التنسيق العربي مع القوات المتواجدة في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن للعمل معاً تحت مظلة الأمم المتحدة وفي إطار القانون الدولي.
5. أهمية تشكيل مراكز للرصد والمتابعة لأمن البحر الأحمر وممراته ومنافذه.
6. تعزيز التعاون الاقتصادي والتنسيق العربي مع الدول الإفريقية وضرورة الاهتمام بدول حوض النيل حماية للأمن القومي العربي.
7. أهمية إشراك الدول الخليجية في أي إستراتيجية عربية لتحقيق الأمن والاستقرار في البحر الأحمر وممراته ومنافذه حيث إن خطورة أعمال القرصنة لها تأثيراتها المباشرة على النفط الذي يعتبر المصدر الاقتصادي الرئيسي لدول الخليج، كما أن لها تداعياتها غير المباشرة المتمثلة في إمكانية امتداد أعمال القرصنة المدعومة بعض الدول الإقليمي والقوى الدولية إلى منطقة الخليج العربي.
المراجع والمصادر
1- أمين هويدي، أحاديث في الأمن العربي، إصدار دار الوحدة بيروت، طبعة أولي، 1980، ص 30
2- محمد زاهي المغيربي، د/ مصطفي عبد الله خشيم، صراع الاستراتيجيات في البحر الأحمر وأثره على الأمن القومي العربي، مجلة شئون عربية، فصلية تصدرها جامعة الدول العربية، العدد 66، يونيه 1991، ص54.
3- أحاديث في الأمن العربي،، ص30.
4- صراع الاستراتيجيات في البحر الأحمر، ص 54.
5- أحاديث في الأمن العربي، ص31.
6- اللواء فوزي طايل وآخرون، جزر البحر الأحمر، إصدار معهد الدراسات العربية بالقاهرة، طبعة أولي 1989م، ص 376.
7- أمين الساعاتي، الاقتصادية 27/11/2008.
8- أمين هويدي، فجوة الأمن القومي العربي، مجلة الفكر الاستراتيجي العربي، العدد الأول يوليو 1981. عبد الله عبد الرحمن السلطان، البحر الأحمر والصراع العربي الإسرائيلي، مركز دراسات الوحدة العربية، طبعة ثالثة 1988. سمير محمد العبدلي، الوحدة اليمنية والنظام الإقليمي العربي، الناشر مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الأولي 1997.
9- مهدي حاشي, “شبكة الصومال اليوم للإعلام - قراصنة الصومال...رؤية مختلفة,” الصومال اليوم,
10- حسين عبده آدم, “ الصومال بين القرصنة البحرية والقرصنة السياسية ,” الصومال اليوم,
11- “بوابة اليمن : صيادو اليمن.. ضحايا أم شركاء القراصنة؟,” http:/ / w w w.ye26.net/home/news372.htm.
12- “ازدهار القرصنة في الصومال الغارقة في الفقر والياس ,” http:// w w w.alquds.com/node/109213.
13- عبد الرحمن يوسف, “القراصنة الجدد.. حلم فتيات صوماليات,” إسلام أون لاين, October
14- حيدر البطاط, “الصومال: دولة فاشلة وقرصنة مزدهرة,” BBC, November 21, 2008, sec. أخبار العالم, http:/ / n
15- “القرصنة فى الصومال.. متعة الحياة بأموال الفديات!,” October 15, 2008, http:// somaliatoday net.com/news/index.php?option=com_content&task=view&id=2018&Itemid=26.
16- “خبير أمني: أمريكا و"إسرائيل" وراء القرصنة الصومالية لضرب اقتصاد مصر,” مفكرة الإسلام, http:// w w w.islammemo.cc/akhbar/Africa-we-Europe/2008/11/22/72764.htm
17- Scott Coffen-Smout, “Pirates, Warlords and Rogue Fishing Vessels in Somalia's Unruly Seas,” http:// w ww.chebucto.ns.ca/~ar120/somalia.html.
18- Abdulkadir khalif, “How Illegal Fishing Feeds Somali Piracy,” The East African, November 15, 2005, http:// w w w.somalilandtimes.net/200/08.shtml
19- Wayne K. Talley and Ethan M. Rule, “PIRACY IN SHIPPING” (Maritime Institute, Old Dominion University, September 21, 2005), Google Scholar, http:// bpa .odu.edu/port/research/talley.piracy.doc.
20- Tolba, Mustaba. Kamal, 1992. "Disposal of Hazardous Wastes in Somalia". United Nations Environment Programme (UNEP) News Release, Statement by UNEP executive director, 9 September 1992.

















الفهـــــــــــرس

مقدمة 1
الفصل الأول تاريخ القرصنة 3
بداية الظاهرة في البحر الأحمر 7
من هم هؤلاء القراصنة 9
الأهداف 11
الفصل الثاني الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر 14
الإستراتيجيات الدولية 16
الأمن القومي العربي 17
الفصل الثالث ازدهار القرصنة وازديادها 19
التداعيات الأمنية والإستراتيجية على الدول ذات العلاقة 20
الخاتمة 22
المراجع والمصادر 23

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بالزوار الجدد

الجديد هيلاقي اسمه اول اسم فى القايمه بلون اخضر يضغط عليه كليك ويغيره ويكتب اسم مستعار وكمان يقدر يغير الصورة

اعـــــــز اصحـــــــــاب

شااااااااااااااهد جميع المباريات على قناة الجزيرة

اجمل صور

اجمل صور
شاهد ارق الصور